أشهر أحياء القاهرة.. حكاية “باب اللوق” وسبب تسميته
أميرة جادو
تتميز في القاهرة سحر معين لا يكتشفه إلا المحب الذي يسير في الأزقة القديمة، يتأمل الزوايا والشقوق، والعطفات، والمساجد، والبيوت القديمة، حيث تضم الكثير من الأحياء والشوارع العريقة، ولعل أكثرهم شهرة “باب اللوق” أو ميدان “الفلكي، وهو أحد الأحياء المشهورة التي تقع في وسط القاهرة، منذ حوالي 700 عام، وتتفرع منه أشهر الشوارع.
سبب التسمية
فبعضهم ارجع السبب إلى ان ارضها كانت تسمى (تلاق لوقًا ) أو أرض اللوق وتعني الارض الخصبة اللينة، وذلك لأن الأرض كانت تغمرها مياه النيل أيام الفيضان، أما السبب الآخر، فيظهر في رسالة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف الثقفي عندما قال له “لا تترك لقًا ولا خقًا إلا زرعته”، والمقصود بـ اللق الأرض المرتفعة، وهذا هو سبب تسمية الحي باللوق.
شهدت منطقة باب اللوق على الكثير من العصور التي مضت، وعصور جديدة قد تأتى، ومنها:
العصر الأيوبي
في البداية، قام الأمير فخر الدين الشهير بابن ثعلب بشراء تلك الأرض الخصبة وبنى له فيها قصرًا مهيبًا محاطًا بالبساتين، واشتهرت المنطقة باسم بستان بن ثعلب، وبعد وفاته قرر ابنه حصن الدين ثعلب بيعه للسلطان نجم الدين أيوب.
كما قام السلطان نجم الدين أيوب، بإنشاء ميدانًا عرف بالميدان “الصالحي” وكان لهذا الميدان باب وسور لدخول اللاعبين والفرسان والجمهور ومن هنا جاء اسم “باب اللوق”، ليلعب به هو وفرسانه لعبة “الأكرة ” وهي مزيج من رياضتي الفروسية والجولف، وفيها يقوم الفارس من على ظهر الخيل بتحريك الكرة بالمضرب ومحاولة إسقاطها في الحفر المخصصة لها.
في عام 1241، بنى السلطان نجم الدين أيوب قنطرة عند باب الخلق ليمر فوقه من القلعة إلى الساحة التي بناها في باب اللوق وأسس مكانًا يسمى المنظرة ليجلس عليها ويستمتع بالمناظر الرائعة.
العصر المملوكي
ألغى الظاهر بيبرس ساحة اللوق التي بناها الملك الأيوبي، وأنشأ ساحة أو ميدان الظاهر كمكان لرياضات الفروسية، وأحاطه بجدران يدخل من خلالها الفرسان يتنافسون في مواكب مهيبة.
وعندما جاء السلطان العادل كتبغا كان يخاف على نفسه من مغادرة القلعة لممارسة رياضة الفروسية، فألغى الميدان الظاهري الذي أنشأه الظاهر بيبرس، وقام بإنشاء ميدان أمام القلعة حتى يتمكن من ممارسة رياضته المفضلة في حمى الجنود المقاتلين.
وعندما اعتلى الناصر بن قلاوون العرش، أمر بهدم الميدان الظاهري وانشأ امام القلعة ميدان الرميلة وخصصه بفرسان المماليك.
انتقلت ملكية أرض اللوق من شخص إلى آخر، وبمرور الوقت هجرت ودمرت القصور وجفت المحاصيل وأتلفت البساتين، وأصبحت المنطقة أرضًا خصبة للصوص ومصدرًا للأمراض والأوبئة.
وعندما تولى محمد على باشا الحكم خصص المنطقة لمدابغ الجلود.
وعندما قرر الخديوي إسماعيل بناء القاهرة الخديوية، أمر بنقل المدابغ من تلك المنطقة وكلف على مبارك بتخطيط منطقة وسط البلد كلها بمساعدة أجنبية فوضع تخطيطا لتلك المنطقة غير من معالمها، حيث اصبحت منطقة باب اللوق تقع في قلب القاهرة الخديوية ما بين ميدان التحرير وبين مقر الحكم في قصر عابدين .
شوارع “باب اللوق”
تفرع من باب اللوق عدة شوارع، من أهمها:
شارع البستان – حيث كان يوجد بذلك الشارع قصر البستان الذي كان يسكنه الأمير فؤاد قبل أن يصبح ملك مصر، ويعرف حاليا ا بشارع (عبد السلام عارف).
شارع الفلكي، سمي الشارع تيمنًا بـ “محمود الفلكي باشا” الذي ابتكر علم التقاويم السنوية عام 1246 هجريًا الذي قارن فيه بين التواريخ الميلادية والقبطية والهجرية وبين مواقع القمر والشمس لتلك السنة. وسمُي ذلك التقويم بالتقويم الفلكي.
شارع شريف، سمي الشارع على اسم أبو الدستور شريف باشا جد الملكة نازلي. اعترافًا بمجهوداته العظيمة وخدماته لمصر.
شارع سليمان باشا الفرنساوي، الذى قام بإنشاء جيش مصر الحديث في فترة حكم محمد علي؛ وبعد أن حارب جنبًا إلى جنب مع القائد إبراهيم في حربي الأناضول والشام.
شارع رشدي باشا، وذلك تخليدا لذكرى رشدي باشا الذي كان رئيسًا لوزراء مصر بين الحرب العالمية الأولى وثورة 1919.