
لواء د. سمير فرج يكتب: الواجب.. الشرف.. الوطن
تابعت، خلال الأسبوع الماضي، زيارة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى الأكاديمية العسكرية، لتناول الإفطار مع طلابها، فتذكرت حينها قسم الكلية الحربية المصرية، وشعارها، الواجب.. الشرف.. الوطن، تلك الكلمات الثلاث التي يرددها الطلبة، يوميا، في ساحة الكلية، عند اصطفافهم في طابور التمام، في الساعة الخامسة مساء، مثلما رددته وأنا طالب منذ عدة عقود.
ولما دعاني السيد الفريق أشرف سالم زاهر لزيارة الكلية الحربية الجديدة، التي أصبحت، الآن، الأكاديمية العسكرية المصرية، وتضم الكليات الحربية والجوية والبحرية والدفاع الجوى، إذ تتمركز الكلية الحربية وكلية الدفاع الجوي في مقرهما الجديد بالعاصمة الإدارية، بينما ظلت الكلية الجوية في بلبيس لارتباطها بالقاعدة العسكرية هناك، وبقيت الكلية البحرية في مقرها القديم على البحر المتوسط، بأبي قير، حيث تتمركز القطع البحرية للتدريب.
عندما وصلت إلى الأكاديمية العسكرية، دعاني الفريق أشرف، قبل إلقاء المحاضرة، لحضور طابور التمام، في الساحة الجديدة لمبنى الكلية، فاستمعت، بكل الفخر، للطلبة الجدد، من شباب مصر العظماء، وهم يهتفون بشعار الكلية، الواجب… الشرف… الوطن، واستمعت من الفريق أشرف عن نظام التعليم الجديد في الكلية، الذي شهد طفرة ليتماشى مع متطلبات العصر الحديث، من تطور الأسلحة الجديدة بالترسانات العالمية، ذات المستويات التكنولوجية العالية، الأمر الذي يتطلب تسليح طلبة الكليات العسكرية، وضباط المستقبل، بأعلى الدرجات العلمية الحديثة، لمواكبة ما تشهده الأسلحة الحديثة من تطور.
كما أن الالتحاق بالكليات العسكرية، لا يعتمد فقط على الحصول على شهادة الثانوية العامة، فقبول الطلاب يستلزم اجتيازهم اختبارات طبية، وبدنية، ونفسية، وانتهى عصر «التوصيات» بالقبول، التي كان المجتمع المصري متأثرا بها من رواية «رد قلبي» للعظيم يوسف السباعي، عندما قامت «إنجي»، التي جسدتها الفنانة مريم فخر الدين، بزيارة أحد الباشاوات ليقوم بالتوصية على قبول «علي»، الذي قام بدوره الفنان شكري سرحان، في كشف الهيئة، للانضمام للكلية الحربية.
.
وهنا تجدر الإشادة بتوجيهات السيد الرئيس السيسى، بمنع التوصيات، تماما، لما فيها من ظلم لطلاب الثانوية العامة المتفوقين، في مقابل حاملي التوصيات،والتنبيه بالالتزام بقصر قبول الشباب المصري بالكليات العسكرية على مجموع الثانوية العامة، ونتائج اختبارات اللياقة البدنية، واللياقة الطبية واللياقة النفسية، مع السماح ببعض الاستثناءات، المحدودة جدا، لشباب وأبناء سيناء، الذين حُرموا، في الماضي، من الالتحاق بالكليات العسكرية. كما استحدثت الكلية الحربية نظاما جديدا لقبول الطلاب بها، فلم يعد مقصورا، فقط، على خريجي الثانوية العامة، وإنما تم السماح لخريجي الجامعات المصرية، للالتحاق بالكلية الحربية، لمدة سنتين، بعد انتهاء الدراسة بالجامعة المصرية، ليصبح ضابطا مقاتلا، وليس ضابطا مهنيا، من قوة الجيش المصري، للاستفادة من مجال دراسته الجامعية، بمختلف أفرع القوات المسلحة المصرية، ووفقا لاحتياجاتها وأولوياتها.
وأمام ما تشهده جيوش العالم من تقدم، فقد كان لزاما تطوير المناهج الدراسية، بالأكاديمية العسكرية المصرية، لتتجاوز العلوم العسكرية. فكانت الفلسفة الجديدة للكلية بإضافة العلوم المدنية المتقدمة، والاعتماد عليها. باعتبارها الأساس الذي تنتهجه صناعة الأسلحة والمعدات الحربية المُستخدمة في الترسانات الحربية العالمية. فعلى سبيل المثال يعتمد ضابط سلاح الإشارة، اليوم، في اتصالاته على الأقمار الصناعية، ومنها القمر الصناعي المصري العسكري المحلق في الفضاء، فصار من الضروري أن يكون ملما، تمام الإلمام، بعلوم الاتصالات اللاسلكية.
كذلك يتخرج ضباط الدفاع الجوى بالدرجة العسكرية، بالإضافة إلى درجة بكالوريوس الهندسة. ومثلهم ضباط الإشارة والحرب الإلكترونية الذين يحصلون على درجة البكالوريوس في نظم وتكنولوجيا المعلومات. ويحصل غيرهم على بكالوريوس علوم الإدارة وغيرها من أعلى شهادات العلوم المدنية. مما تطلب، كذلك، مد فترة الدراسة بالكليات العسكرية إلى أربع سنوات. لتتطابق مع مدد الدراسة بالجامعات المدنية، التي يدرس فيها طالب الكلية الحربية.
الواجب.. الشرف.. الوطن
والحقيقة أن تلك الخطوة كانت مهمة، وضرورية، واستلزمت مجهودا كبيرا في الإعداد لها على مختلف المستويات العلمية واللوجستية. لما لها من أثر عظيم في مستقبل الكليات العسكرية الجديدة، التي صارت، في يومنا هذا، مزودة بأحدث المعامل، ونظم المحاكاة. وقد روى لي الفريق أشرف، أنه استقبل، منذ فترة، مدير الكلية العسكرية الفرنسية، الذي بهرته الأكاديمية العسكرية المصرية. لما لمسه من نهضتها العلمية الكبرى، سواء في المناهج، بشقيها النظري، والعملي الذي يشمل التدريبات. وبعد الاطلاع على معاملها وبرامجها دعا الفريق أشرف لزيارة الكلية الفرنسية. إلا أنه أضاف بألا يتوقع نفس مستوى التقدم في فرنسا، خاصة في معامل العلوم المدنية. التي أقر بأنها ركيزة التطور الحالي لمختلف جيوش العالم.
وبعد انتهاء لقائي طلاب الكلية الحربية والدفاع الجوى، كان من دواعي سروري، وفخري، ما لمسته من إدراكهم وإلمامهم بمفاهيم الأمن القومي المصري. وكذلك استيعابهم ووعيهم بالأخطار المحيطة بمصر، حاليا، وما تفرضه من تحديات، لابد من التعامل معها بدقة. ولمست شعور الانتماء، الذي كان وما زال السمة المُميزة للجيش المصري، ومضرب المثل بين مختلف جيوش العالم. وغادرت الأكاديمية العسكرية المصرية، أو كما نُطلق عليها «مصنع الرجال»، وأنا مطمئن على مستقبل مصر. بعد رؤية هذا التطور العلمي، بأنها ستبقى في أيدي أبنائها الأمينة، من قادة اليوم، وضباط المستقبل. الذين يتم تدريبهم، حاليا، على أعلى مستوى من الحرفية العسكرية. ليستكملوا مسيرة حماية أرضها وأمنها وسلامتها واستقرارها ووحدتها وسيادتها.