تاريخ ومزارات

الفضل بن سهل: الوزير الذي أودى به الحظ إلى الهاوية

الفضل بن سهل كان وزير الخليفة المأمون خلال العصر العباسي، حيث لعب دورًا محوريًا في تدبير شؤون الخلافة أثناء فترة وجوده في خراسان. عُرف بلقب “ذي الرياستين” نظرًا لمهامه المتعددة كوزير ومستشار للمأمون خلال الفتنة التي نشبت بين المأمون وأخيه الأمين.

أخفى الفضل بن سهل عن المأمون بعض الأخبار الحساسة، وبالأخص أخبار ثورة العباسيين في بغداد التي قادها إبراهيم بن المهدي، عم المأمون، والذي تمكن من خلع المأمون عن الخلافة ليحظى بتأييد الناس. حدث ذلك نتيجة لقرار المأمون بإبعاد أخيه المؤتمن عن ولاية العهد، حيث أسندها إلى علي الرضا. وعندما علم المأمون بتلك الأخبار، أصيب بالغضب من وزيره الفضل بن سهل، وقام بقتله غيلة أثناء عودته إلى بغداد.

ورد في كتاب “سير أعلام النبلاء” للذهبي أنه كان للفضل بن سهل، المعروف أيضًا بأخيه الوزير الحسن بن سهل، تأثيرٌ كبير في الحياة السياسية، حيث أسلم والدهما على يد المهدي، واعتنق الفضل الإسلام في سنة تسعين ومئة على يد المأمون. وقيل إنه عندما قرر جعفر البرمكي تعيين الفضل ليكون وزيرًا للمأمون، وصفه أمام الرشيد، وقد أعجب الرشيد بفصاحته وبلاغته، مما دفعه لتفضيله.

تقلد الفضل بن سهل الوزارات وأيضًا القيادة العسكرية، وكان معروفًا بشيعه ودهائه. وقد أشار بتجهيز طاهر بن الحسين بناءً على علمه بالنجوم، وقدّر أنه سينجح في مواجهة الأمين. كما زعم أنه سيعيش ثمانياً وأربعين سنة، ثم يلقى حتفه بين ماء ونار، وهو ما تحقق عندما قُتل على يد خال المأمون في حمام سرخس في شعبان سنة اثنتين ومئتين.

وقد امتدحه العديد من الشعراء، ومن بينهم إبراهيم الصولي، الذي وصفه بقصيدة تؤكد مكانته الرفيعة. ومع تصاعد نفوذه، أصبح ثقل الفضل بن سهل على المأمون أمرًا لا يُحتمل، مما دفع الأخير إلى تدبير مقتله، حيث دَسَّ عليه خاله غالب الأسود وجماعته، فقتلوه. وبعد أيام قليلة، توفي والده.

المأمون، بعد أن فقد وزيره، أظهر حزنًا عميقًا على مصيره، وعزى والدته قائلًا إن الله قد أبدله بآخر، مما جعلها تبكي وتقول كيف لا تحزن على ابن أكرمها. وقد عاشت لتشهد زفاف حفيدها، بوران، على المأمون، ليظل الحسن بن سهل، أخو الفضل، من كبار الوزراء الممدوحين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى