حلاق الصحة.. أسطورة طبيب الشوارع المتجول

اشتهر “حلاق الصحة” قديمًا، حيث ستخدم أدواته في إجراء العمليات الجراحية البسيطة، وقدم وصفات طبية يراها البعض شفاءً لهم، حيث تعد من أقدم المهن التي تركت بصمتها في مختلف المجتمعات، ولا تزال تمارس حتى اليوم في بعض المناطق النائية، حيث يواصل الحلاق لعب دور الطبيب رغم التقدم العلمي.
حلاق الصحة
لم يكن الحلاق مجرد شخص يقوم بقص الشعر، بل كان أيضًا طبيب الأسنان، ومطهر الأطفال، ومعالجًا لحالات الصلع والنزلات الصدرية، بل إنه كان يتولى إسالة الدماء من المرضى عبر وسائل بدائية. ظل الحلاق يمارس هذه الأدوار منذ القدم. واستمر في الجمع بين الطب والحلاقة لفترة طويلة، خاصة في الأرياف والقرى التي تفتقر إلى المرافق الصحية. وتأخرت البلاد العربية كثيرًا عن أوروبا في الفصل بين المهنتين. حيث استمر حلاق الصحة في ممارسة مهنته الطبية جنبًا إلى جنب مع الحلاقة.
حلاق الصحة في أوروبا
قد يبدو للوهلة الأولى أن مهنة الحلاق الطبيب تقتصر على البلدان النامية، لكن الحقيقة أن الحلاقين في أوروبا كانوا يمارسون أدوارًا طبية واسعة، بما في ذلك إجراء العمليات الجراحية. لاحقًا، قامت إنجلترا بإصدار مرسوم يقضي بالفصل بين المهن، ومنع الحلاقين الجراحين من إجراء أي عمليات جراحية باستثناء خلع الأسنان. وظل هذا القانون ساريًا حتى عام 1745.
الطب تعويذة
ارتبط الطب منذ القدم بالسحر والشعوذة، حيث كان يمارسه الكهنة والسحرة في الحضارات القديمة مثل بلاد الرافدين ومصر. كما تبنته الصين عبر تقنية الوخز بالإبر. هذا الارتباط بين الطب والتقاليد الشعبية جعل حلاق الصحة ينظر إليه أحيانًا كمعالج يقدم وصفات سحرية، يعتقد الناس أنها تحمل سر الشفاء.
الطبيب المتجول
في أرياف بلاد الشام، كان القرويون ينتظرون زيارة الحلاق الجوال، الذي يؤدي بعض المهام الطبية. حيث كان يتنقل بين القرى مرة في الأسبوع أو الشهر لتقديم خدماته. أما في المدن. فكان يتوجه إلى أماكن تجمع الرجال مثل المقاهي والأسواق، حاملًا حقيبته التي تضم أدواته، بما في ذلك ماكينة الحلاقة اليدوية، المشط، الموس، القطن. محلول التعقيم، وفرشاة الحلاقة.
الحلاق والختان
إحدى أشهر القضايا المثيرة للجدل حول حلاق الصحة كانت عمليات الختان التي يجريها للأطفال باستخدام مقص الحلاقة أو الموس، والتي غالبًا ما كانت تجرى في ظروف غير معقمة. مما أدى إلى مضاعفات خطيرة، وصلت في بعض الحالات إلى وفاة الأطفال بسبب العدوى أو الأخطاء الطبية.
أشرطة حمراء وبيضاء
ما زالت الأشرطة الحمراء والبيضاء تستخدم كرمز لمهنة الحلاقة في أوروبا حتى اليوم، حيث تلف بشكل حلزوني على أعمدة خارج محلات الحلاقة. يعود أصل هذه العلامة إلى الرباط الذي كان يستخدمه الحلاقون أثناء تقديم خدماتهم الطبية. ليصبح رمزًا خالدًا لمهنة جمعت بين الطب والحلاقة على مدار التاريخ.