مسجد سنان باشا: جوهرة عثمانية في قلب بولاق

يعتبر مسجد سنان باشا ثاني المساجد التي شيدت في العصر العثماني بمصر بعد جامع سليمان باشا الخادم بالقلعة، المعروف بسارية الجبل. وتميز المسجد بتصميمه الذي يعكس الطراز التركي الأصيل. كما يقع المسجد في شارع السنانية بشمال حي بولاق أبو العلا، ويحمل الرقم 349 ضمن سجل الآثار الإسلامية. وينسب المسجد إلى سنان باشا، أحد أبرز ولاة مصر من العثمانيين وأشهر المعماريين في تاريخ الدولة العثمانية. وقد وصفه العالم الألماني كلوك بأنه يتفوق فنياً على مايكل أنجلو، الذي يعد رمزاً للحضارة الأوروبية.
تاريخ مسجد سنان باشا
تولى سنان باشا ولاية مصر مرتين، الأولى عام 1567م والثانية عام 1571م. كما شغل منصب الصدر الأعظم مرتين، وهو ما يعادل منصب رئيس الوزراء. امتلك دهاء سياسياً ومهارة عسكرية استثنائية. وينسب له تحقيق انتصارات كبيرة، أبرزها القضاء على الزيديين في اليمن وغزو تونس وضمها للدولة العثمانية بعد هزيمة الإسبان.
كما نفذ سنان باشا خلال مسيرته العديد من المشاريع العمرانية المهمة في مختلف أنحاء الدولة العثمانية. في مصر، أعاد فتح خليج الإسكندرية، وشيد مسجد سنان باشا في بولاق بعد أن نال تقدير السلطان سليم لإنجازاته البارزة، منها بناء جسر فوق نهر بروت في 13 يوماً فقط، وجسر آخر على الدانوب، ما أهّله للحصول على لقب كبير مهندسي الدولة عام 1538م. كما كان له بصمات بارزة في إسطنبول. منها إنشاء المجمع الخصكي بأمر من السلطانة روكسلانة، وجامع السليمانية، وجامع شهزاد محمد. إلى جانب مشروعات أخرى امتدت لأكثر من عشرين عاماً قبل وفاته عام 1588م.
مواصفات المسجد
تم بناؤه عام 1571م، وإلى جانبه أقيم حمام وثلاث خانات وسبيل وكتاب وبيت للسكن وبيت للقهوة. حيث حظي المسجد باهتمام المؤرخين والرحالة. وكان الرحالة التركي أوليا جلبي من أبرز من وصفوه. حيث أشار إلى وجود حديقة زاهرة تحيط بالمسجد، وسور به أبواب، وقد هُدم أحدها عام 1902م.
كما يتكون المسجد من مساحة مستطيلة بطول 35 متراً وعرض 27 متراً، ويتوسطه بيت صلاة مربع يبلغ طوله 15 متراً، تغطيه قبة كبيرة يبلغ قطرها 15 متراً أيضاً. هذه القبة مبنية من الحجر وتزين رقبتها نوافذ من الجص المزخرف بالزجاج الملون، ويحيط بها ممر ضيق بشرفة خشبية تطل على الداخل. كما يعتقد أنها كانت تستخدم لصيانة الشبابيك. القبة كانت مغطاة بالرصاص، وقد خضعت لعمليات ترميم شملت إصلاحها في عهد الملك فاروق، مما ساهم في إظهار جمال المسجد وإبراز ملامحه الفريدة.
كما يتميز المسجد بتخطيط معماري استثنائي يختلف عن المساجد العثمانية التقليدية. حيث لا يحتوي على فناء خارجي أو حرم، وهو تصميم فريد قد يكون مرتبطاً بموقع المسجد على ضفة النيل الشرقية. كما أشارت الدكتورة سعاد ماهر في موسوعة “مساجد مصر وأولياؤها الصالحون”.