غسان كنفاني: الأدب الفلسطيني الذي صرخ في وجه الظلم والاحتلال

أسماء صبحي
غسان كنفاني هو كاتب وصحفي فلسطيني، يعتبر من أبرز الأسماء الأدبية في القرن العشرين. ولد في مدينة عكا بفلسطين، في عائلة فلسطينية تعرضت لنكبة 1948 بعد تهجيرها من ديارها. ونشأ كنفاني في ظروف قاسية، وعاش كلاجئ في لبنان بعد أن فقد وطنه. وهي التجربة التي تركت بصمتها العميقة في كل أعماله الأدبية.
نشأة غسان كنفاني
عاش كنفاني في أجواء مأساوية بعد نكبة 1948، حيث انتقلت عائلته إلى لبنان في مخيمات اللاجئين. وكان هذا الشتات الفلسطيني حجر الزاوية في أعماله الأدبية. ودرس كنفاني في بيروت، وبدأ اهتمامه بالكتابة منذ صغره. حيث أسهم في العديد من الصحف والمجلات الفلسطينية التي نشأت بعد اللجوء، معبرًا عن معانات الشعب الفلسطيني وعذابه جراء الاحتلال.
كتب كنفاني العديد من الروايات والقصص القصيرة التي تعكس واقع الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال واللجوء. ومن أشهر أعماله “رجال في الشمس”، وهي رواية تأملية تركز على معاناة اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في الشتات ويبحثون عن مستقبل أفضل. لكنهم يصطدمون بواقع مرير داخل المجتمعات العربية التي لا تعطيهم أملًا في الحياة.
ورواية “عائد إلى حيفا” التي تناول فيها قصة فلسطيني يعود إلى مدينته حيفا بعد عقود من النكبة ليكتشف أن حياته قد تغيرت بشكل غير قابل للعودة. وتجسد هذه الرواية الصراع الداخلي والتشظي الذي يعانيه الفلسطينيون في محاولاتهم لاستعادة ذكرياتهم ووطنيتهم.
كما كتب العديد من القصص القصيرة مثل “موت سرير رقم 12”. التي تناولت مسألة الموت في الشتات الفلسطيني وكيف أصبح الشعب الفلسطيني يعيش بين أمل الموت واليأس. كما كان كنفاني دائمًا يبحث عن التغيير والتحرر من خلال قلمه وأدبه الذي أصبح سلاحًا قويًا يناصر القضية الفلسطينية على الساحة الأدبية العالمية.
دوره في الصحافة والسياسة
لم تقتصر إسهامات كنفاني على الأدب فقط، بل كان ناشطًا سياسيًا وصحفيًا. وانضم إلى صفوف جبهة التحرير الفلسطينية وكان له دور بارز في تنظيم الأنشطة الثقافية والإعلامية التي كانت تدعم القضية الفلسطينية. كما عمل في الصحافة وكان رئيس تحرير لعدة صحف ومجلات فلسطينية، أبرزها مجلة “الهدف”. التي كانت تروج للأفكار الثورية وتدعو إلى نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال.
كما أنه في صيف 1967 وبعد نكسة حرب 1967. كان أحد المفكرين الذين حثوا على إعادة بناء الهوية الفلسطينية وتعزيز دور المقاومة في تحقيق حقوق الفلسطينيين. وكانت صحيفته مجلة “الهدف” منبرًا لجميع المثقفين والمناضلين من أجل قضية فلسطين.
اغتياله وإرثه
اغتيل كنفاني في 8 يوليو 1972 في بيروت، عندما تعرضت سيارته لعملية تفجير قام بها جهاز الموساد الإسرائيلي. وذلك بسبب دوره البارز في نشر القضية الفلسطينية. وقد ترك استشهاده فراغًا كبيرًا في الأدب الفلسطيني والعربي، لكنه أيضًا جعل من أعماله الإرث الأهم للأجيال القادمة. كما ترجمت رواياته إلى العديد من اللغات، وتدرس في الجامعات العربية والدولية. ليظل اسمه حيًا في ذاكرة كل من يطالب بالحرية والعدالة للفلسطينيين.
غسان كنفاني ليس فقط كاتبًا فلسطينيًا، بل هو رمز ثقافي وفكري يمثل ضمير الشعب الفلسطيني. وتمكن من خلال رواياته أن يعكس معاناة الفلسطينيين بطريقة إنسانية. مما جعل أعماله تقرأ وتُدرس في العديد من الجامعات حول العالم. وكان يكتب ليس فقط من أجل الأدب، بل من أجل تحرير الإنسان الفلسطيني من قيود الاحتلال واللجوء. كما أصبحت رواياته تتحدث بلغة الشارع الفلسطيني، وتمثل هموم اللاجئين. واهتمت بالعديد من القضايا التي تمس كرامة الإنسان في ظل الاحتلال.