رنك السلطان قنصوة الغوري: شاهدة على عبقرية التاريخ الإسلامي في سيناء

على بعد 85 كيلومترًا شرق مدينة نخل في شمال سيناء، تحتضن منطقة نقب “دبة البغلة” واحدًا من أبرز المعالم الإسلامية في وسط سيناء. وهو رنك السلطان قنصوة الغوري. هذا الموقع التاريخي يحمل في طياته ذكريات زمن مضى، حيث كانت سيناء المعبر الحيوي للحجاج والقوافل التجارية التي ربطت بين الشرق والغرب.
تاريخ رنك السلطان قنصوة الغوري
يتكون هذا الأثر من لوحتين محفورتين بعناية على صخور ضخمة، تجسدان اهتمام السلطان المملوكي قنصوة الغوري بتمهيد دروب الحجيج وتأمينها. النقوش الأولى تبدأ بآيات من القرآن الكريم وتستمر لتسجل تفاصيل تاريخية عن تمهيد الطرق وتأمينها للحجاج والمسافرين، مرورًا بعمار مكة المكرمة والمدينة المنورة ومرافق الطريق مثل الآبار والقلاع. أما اللوحة الثانية، فهي تخلد اسم السلطان قنصوة الغوري بأحرف بارزة، تؤكد دوره في الحفاظ على سلامة الطريق وتطويره.
كما يقع هذا الأثر التاريخي على تلة صخرية تعرف بـ”تبة البغلة”، بارتفاع يصل إلى أربعة أمتار، ويحيط به حائط حديدي لحمايته من العبث، أقامته الهيئة العامة للآثار المصرية. كانت هذه المنطقة تشكل نقطة عبور استراتيجية على درب الحجاج، حيث لم يكن الطريق مجرد ممر للحجاج فحسب، بل كان شريانًا رئيسيًا للتجارة وتبادل الثقافات، مما منح سيناء دورًا محوريًا في العصور الإسلامية.
وفي هذا الصدد قال الدكتور محمد فوزي أستاذ التاريخ بجامعة مطروح، أن السلطان قنصوة الغوري ساهم بشكل مباشر في تحسين هذا الطريق، فأنشأ القلاع والآبار والمرافق التي خدمت الحجيج والتجار على حد سواء، مما جعل السفر أكثر أمنًا وسهولة. النقوش الموجودة على الصخور تقدم شهادة واضحة على تلك الجهود الكبيرة التي بذلها السلطان في خدمة الحجاج وضمان سلامتهم.
كما يعتبر رنك السلطان قنصوة الغوري معلمًا تاريخيًا وسياحيًا يجذب الزوار الذين يبحثون عن عبق التاريخ وروح الحضارة الإسلامية. زيارة هذا الأثر لا تعني مجرد التعرف على موقع جغرافي، بل هي رحلة عميقة تأخذ الزائر في جولة عبر الزمن، حيث تعيش تفاصيل الحياة المملوكية وتتأمل عظمة الجهود التي بذلت لتسهيل حياة الحجيج والمسافرين.