تاريخ ومزارات

زياد بن أبيه.. أول من فرض سياسة حظر التجوال في التاريخ

أسماء صبحي 

يرجع حظر التجول إلى زياد بن أبيه، المولود بمدينة الطائف التي تقع على بعد 65 كيلومترا من مكة المكرمة في أول سنة للهجرة، أي عام 622 ميلادية. وهو يعد واحد من ممن اشتهروا لدى العرب بالدهاء، وبأنه كان قائداً عسكرياً ارتبط اسمه بمعاوية بن أبي سفيان، وساهم بتثبيت الدولة الأموية.

شغل زياد مناصب مرموقة في حياته القصيرة، واعتمد على نفسه في تكوين شخصيته وعمل كاتبا لأبي موسى الأشعري. وكان رائعاً برواية الأخبار والأحداث، وفصيح اللسان ملمًا باللغة إلى درجة صنفوه معها بين “خطباء العرب” المشاهير.

أول إعلان لفرض حظر التجوال

في عام 45 للهجرة / 667 ميلادية، عينه معاوية بن أبي سفيان واليًا على البصرة، وأول ما لاحظه في المدينة المكتظة بالسكان ذلك الوقت “فسق ظاهر وفساد منتشر”. ووجد فوضى عارمة، وعصيانًا وانفلاتاً واضحًا، فقرر فوراً ضبط الشارع والتضييق على “تنظيم” تحريضي معارض لمعاوية يقوده من الكوفة حجر بن عدي.

مضى زياد إلى مسجد المدينة الذي كان يتخذه مقرًا له بحراسة مشددة، وجمعوا له الناس يوم الجمعة. فصعد المنبر وراح يذكرهم بمعايبهم في عبارات موجزة، فيها عصا الترهيب وجزرة الترغيب. وفيها أول إعلان لحالة طوارئ وأول حظر بالتاريخ على التجول ليلاً. وكانت خطبة نادرة سموها “البتراء”، لأنه بدأها ناقصة من أهم ما اعتاد عليه المسلمون. وهو افتتاح الخطب بحمد الله والثناء على رسوله.

من أشهر ما جاء في خطبته قوله: “من أحرق قوماً أحرقناه، ومن نقب بيتاً نقبنا عن قلبه، ومن نبش قبراً دفناه فيه حياً. وأيم الله إن لي فيكم لصرعى كثيرة، فليحذر كل منكم أن يكون من صرعاي”.

تطبيق العقوبة

وضج البصراويون من الحظر، واستاؤوا من الوالي الجديد وقائد شرطته عبدالله بن حصين. الذي كان يقود الدوريات الراجلة والمسروجة لجز رؤوس الفتنة الخارقين لحظر التجول، ولكن من دون أن يجد من يخرقه ليجعله عبرة. الى أن اعتقلوا اثنين من العمال السود “العائدين للتو من بساتين نخيل يملكها أحد القرشيين” وأعرابي وجدوه هائمًا في أحد الطرقات.

فسألوا الأعرابي: “ألم تسمع بحظر التجوال”؟، فأجاب إنه من البدو ولا يعلم به، وإن عنزته شردت منه فجرى وراءها يبحث عنها. فقال له زياد: “أصدقك في ذلك”، لكنه أمر بضرب عنقه، كالإثنين الآخرين.

ولم يمتد العمر بزياد طويلاً، فبالكاد كان عمره 53 سنة حين نال الطاعون من يده اليمنى، فعانى الكثير حتى بتروها. لكن المضاعفات غيبته عن الدنيا في رمضان عام 53 هجرية، 673 ميلادية، تاركاً ما قلدته به مئات الحكومات عبر التاريخ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى