الكنائس المسيحية في اليمن: شواهد صامتة على تاريخ التعايش والتنوع

رغم مرور سنوات طويلة على تلاشي أعداد معتنقي الديانة المسيحية في اليمن واعتناق غالبية السكان للإسلام، إلا أن الكنائس المسيحية القديمة ما زالت قائمة حتى اليوم، كشواهد أثرية تروي فصولًا من تاريخ التعايش الديني في هذا البلد العريق. هذه الكنائس المغلقة تمثل إرثًا حضاريًا يعود إلى حقب تاريخية عاش خلالها اليمنيون بانفتاح وتسامح مع مختلف الديانات.
تاريخ الكنائس المسيحية في اليمن
كان اليمن منذ القدم رمزًا اقتصاديًا بفضل موقعه الاستراتيجي، ما جعله محطة تجارية مهمة ومنفتحة على ثقافات متعددة. على مدى قرون، احتضنت المدن اليمنية معابد لمعتقدات متنوعة شملت الهندوسية واليهودية والمسيحية، حيث عاش الناس ضمن هامش واسع من حرية المعتقد، دون أن تعترض حياتهم قيود دينية.
وفي هذا الصدد أوضح رمزي الدميني، مسؤول هيئة الآثار، أن الديانة المسيحية دخلت اليمن بشكل ملحوظ خلال القرن الخامس الميلادي، ما يعكس بيئة اليمن الحاضنة للتعدد الديني والتعايش السلمي بين مختلف المجتمعات.
رغم أن أبواب الكنائس المسيحية في مدينة عدن الجنوبية مغلقة اليوم، إلا أن مبانيها ما زالت قائمة كمعالم تاريخية تروي قصص الانفتاح والتنوع الذي عاشته المدينة في مراحل تاريخية مختلفة. مع وصول الإسلام إلى اليمن، شهدت البلاد تحولًا كبيرًا باعتناق غالبية السكان للإسلام، فيما انخفضت أعداد المسيحيين بشكل تدريجي حتى أصبحت لا تذكر.
كما أشار أستاذ التاريخ في جامعة تعز، سعيد إسكندر، إلى أن العدل والمساواة التي وجدها أهل الذمة في ظل الإسلام دفعت كثيرًا منهم لاعتناقه. أما اليهود والمسيحيون الذين فضلوا الاحتفاظ بدياناتهم، فقد عاشوا ضمن مناطق متفرقة في اليمن حتى أواسط القرن العشرين، عندما غادر معظم اليهود ضمن صفقة “بساط الريح”.