المزيد

لواء دكتور سمير فرج يكتب .. رؤية تحليلية نحو عام 2025 الحرب في قطاع غزة

استعرضت في مقالاتي السابقة رؤية حول ما سيحدث في عام 2025، حيث بدأت الحرب الروسية الأوكرانية وتوقعاتي حول مصير هذه الحرب، التي ينتظر أن تنتهي إلى حل واتفاقية سلام بين الطرفين ، طبقا لما أعلنه الرئيس ترامب خلال جولته الانتخابية، واليوم ينتظر للعالم وصوله إلى البيت الأبيض لنرى كيف سيحقق وعده بحل السلام بين أوكرانيا وروسيا وينهي هذه الحرب.
وعندما نتوجه إلى الموقف في غزة ونحلل الأحداث، فإنه أولا، بدراسة موقف إسرائيل، الطرف الأقوى في هذه الحرب، نرى أنها تنقسم إلى قسمين الأول نتنياهو رئيس الوزراء وهدفه إطالة مدة الحرب، لأن السلام يعني بالنسبة له دخوله السجن حيث سوف يتم مسألته عن أسباب قصور الجيش الإسرائيلي بعد حرب استمرت اكثر من عام ضد حماس لم يحقق فيها أهدافه، فهو لم يقضي على حماس، ولم يحرر الرهائن، ولم يستولي على غزة ويؤمنها. ثانيا فأن أمامه ثلاث قضايا مدنية للفساد، ينتظر فيها تنفيذ الحكم بالسجن بعد مغادرته كرسي الرئاسة وذلك فور خروجه من الوزارة، ويواجه أيضا نتنياهو مشكلة أسر الرهائن التي تطالب يوميا من خلال مظاهرات في تل ابيب بالإفراج عنهم.
والطرف الثاني في إسرائيل، وهو وزير الدفاع وباقي الحكومة، فالكل يريد توقف الحرب، وذلك لإخراج الرهائن من أيدي حماس، وإيقاف الحرب، لأن الجيش الإسرائيلي قد تعب من القتال، وتكبد خسائر كثيرة على كل الجبهات علاوة على الخسائر الاقتصادية التي تعاني منها إسرائيل عندما توقفت المصانع والشركات لوجود أفرادهم في خدمة الجيش الإسرائيلي في الاحتياط، ورغم أن أمريكا تعوض إسرائيل عن هذه الخسائر الاقتصادية، إلا أنه ما زالت اكبر خسائر لأصحاب المصالح في إسرائيل، كذلك هناك المهاجرين الإسرائيليين من المستوطنات حول غزة والمستوطنات حول جنوب لبنان، وهما حاليا 400 الف شخص، تركوا مستوطناتهم، و يعيشون حاليا في أماكن داخل إسرائيل، وحيث يطالب كل منهم كل يوم أن يعود إلى مستوطنتهم.
وبالنسبة إلى الفلسطينيين هناك السلطة في رام الله التي تريد أيضا السلام، ولكن بهدف آخر، وهو احداث اليوم التالي بعد انسحاب إسرائيل من غزة. حيث سيتم خلال ستة شهور إجراء انتخابات لإفراز حكومة تكنوقراط جديدة في غزة، وبالطبع لن يكون فيها حماس، وبالتالي تضمن حكومة السلطة في رام الله انضمام وعودة غزة إلى حضن السلطة الفلسطينية في رام الله، ولكن خوف السلطة في رام الله. وهو أن العالم يطالب حاليا بتغيير. عناصر وأفراد السلطة في رام الله، وأن عباس ورجاله يجب أن يرحلوا، وأنه يجب أن تكون هناك سلطة جديدة في رام الله من وجوه شابة تغير الفساد الموجود في السلطة الفلسطينية حاليا، على الرغم أنها غيرت رئيس وزراء فلسطيني جديد في رام الله، لكن أمريكا والعالم يطالب بالتغيير الشامل في السلطة الفلسطينية في رام الله .
أما الشعب الفلسطيني نفسه فإنه يريد السلام أمس قبل اليوم وخاصة أهالي غزه خاصة الحالة السيئة التي يعيشونها بلا طعام وبلا مياه نظيفة وبلا مستشفيات، وكل يوم تحت الضغط والقذف الإسرائيلي، ووقوع القتلى والخسائر في مجازر يومية، والكل بلا مأوى، وأصبح الجميع الآن، يطالب بوقف إطلاق النار والتفاوض لالتقاط الأنفاس، ودخول المعونات الإنسانية، وبدأ إعمار غزة. وإعادة بناء البنية الأساسية من مياه وصرف الصحي، والكهرباء، وعودة المدارس، والمستشفيات والمنظمات الأممية المتحدة، مثل لأونوروا.
وبالنسبة لموقف الضفة الغربية من الفلسطينيين، وإن كانت ظروفهم المعيشة ليست بالسوء مثل أهالي غزة، لكن ظروفهم أيضا تسوء يوما بعد يوم، ولذلك يأمل الفلسطينية جميعا عودة السلام وإيقاف إطلاق النار.
أما الطرف الرابع فهو مصر، وأقول أنها ثاني المتضررين. من هذه الحرب، والأحداث في الشرق الأوسط، بعد الشعب الفلسطيني في غزة، وهدف مصر حاليا، هو إيقاف إطلاق النار وتحقيق السلام لأن مصر تتحمل أعباء هذه الحرب، حيث هناك ألف فلسطيني يتم علاجهم في المستشفيات المصرية، ومع كل منهم مرافق أو إثنين. وأن حجم المساعدات التي تصل إلى غزة 80% منهم من مصر، من قوت الشعب المصري، وأن القتال في باب المندب خسر مصر حاليا 6 مليار دولار، وهو نصف إيراد قناة السويس.
كذلك فان أعمال القتال في المنطقة قد أضرت بالسياحة المصرية ضررا كبيرا في الفترة الماضية، وهي أحد عناصر الدخل للخزينة المصرية من العملات الحرة. كذلك هناك استنفار الجيش المصري على الحدود الذي يمثل تحديا أيضا للأمن القومي المصري، كذلك أقامت مصر معسكرا لأهالي غزة في رفح وخان يونس من خلال الهلال الأحمر المصري.
والآن، ونحن على أبواب العام الجديد، فإن مصر تعمل بكل جهدها لوقف إطلاق النار في غزة، بهدف إدخال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني الذي أصبح على شفة مجاعة كبيرة حيث أقنعت مصر حماس بأن تقدم بعض المرونة في موقفها لوقف إطلاق النار بهدف السماح بدخول المساعدات الإنسانية والطبية.
ومن هذا المنطلق، طلبت مصر حضور رئيس الأركان الإسرائيلي ورئيس الشباك إلى مصر، ليبحث وقف إطلاق النار وتقريب وجهات النظر كذلك استقبلت مستشار الرئيس الأمريكي جاك سوليفان لإعلان أمريكا عن بنود الاتفاق التي وصلت إليها اليوم بين حماس وإسرائيل والمساعدة في حل باقي الخلاف حول أعداد الأسرى والرهائن من كل جانب وأسلوب السيطرة على معبرا رفح من جهة غزة.
ومن هذا المنطلق، وافقت حماس على وقف إطلاق النار وتنازلت عن شرط الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزه قبل إطلاق سراح الرهائن وبدأت الآن مصر، في التفاوض على النواحي التفصيلية في تنفيذ للاتفاق، حول أعداد المفرج عنهم من كل جانب، وكذلك الأسماء حيث تعترض إسرائيل مثلا على الإفراج عن البرغوثي، حتى لا تتكرر مأساة الإفراج على السنوار الذي أفرجت عنه، وأصبح زعيما المقاومة ضد إسرائيل، وإن كنت أرى من وجهة نظري الشخصية أن نيتنياهو لا يريد الإفراج عن الرهائن لعدة أسباب، أولها إطالة زمن الحرب حتى وصول الرئيس ترامب للحكم، حتى يعطي له الفرصة وهو صديقه، لكي يحقق السلام ويصبح هو رجل السلام.
أما النقطة الثانية أن نصف الرهائن قد تم قتلهم بواسطة النيران، الصواريخ والطائرات الإسرائيلية، ولذلك فهو يخشى بعد استلام جثث القتلى من الرهائن أنتصر عليه الشعب الإسرائيلي لأنه كان من الممكن أن يوافق على المبادرة التي أطلقها جو بايدن في إبريل الماضي وكان سيمنع قتل هؤلاء الرهائن بمعرفة الطائرات والصواريخ الإسرائيلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى