حكاية تقليد “ساتي” الممنوع منذ قرون.. أغرب الطقوس الدينية المحرمة في العالم
أميرة جادو
يعتبر التقليد الهندوسي القديم المسمى “ساتي” من أغرب طقوس الدفن في العالم، حيث كانت الأرملة تلقي بنفسها في محرقة زوجها وتحترق حتى الموت. في البداية، كان هذا العمل تطوعيًا ويُعتبر شجاعًا وبطوليًا، لكنه تحول لاحقًا إلى ممارسة قسرية. وعلى الرغم من حظر “ساتي” الآن في جميع أنحاء الهند، إلا أن له تاريخًا مظلمًا.
أصل كلمة “ساتي”
“ساتي” تعني في الأصل المرأة التي حرقت نفسها بعد وفاة زوجها. الكلمة مشتقة من السنسكريتية “أستي”، التي تعني “هي نقية أو حقيقية”.
تفسير الطقس وفقًا للعادات الهندوسية
وفقًا للعادات الهندوسية القديمة، كان الساتي يُرمز إلى انتهاء فترة الزواج. في البداية، كان هذا الفعل تطوعيًا كدليل على أن المرأة كانت زوجة مطيعة تتبع زوجها إلى الحياة الآخرة. لذلك، اعتُبر أكبر أشكال تكريس الزوجة لزوجها المتوفى، ولكن مع مرور الوقت، تحول إلى ممارسة قسرية. حيث أُجبرت العديد من النساء اللواتي لم يردن الموت بهذه الطريقة على ذلك، حيث اعتُبرت الأرملة في الديانة الهندوسية عبئًا على المجتمع.
320 ميلاديًا تسجيل أول “ساتي” في التاريخ
تُخبرنا السجلات التاريخية أن ممارسة “ساتي” بدأت لأول مرة بين عامي 320 م و550 م خلال حكم إمبراطورية جوبتا. سُجلت أول حالة “ساتي” في نيبال عام 464 م، ثم في ماديا براديش عام 510 م، وبعد ذلك انتشرت هذه الممارسة إلى ولاية راجاستان، حيث حدثت معظم حالات “ساتي” عبر القرون.
ذروة ممارسة “ساتي” وانتشارها
كانت “ساتي” في ذروتها بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر، وخلال هذه الفترة، تم حرق ما يصل إلى 1000 أرملة أحياء كل عام، وكانت أكثر انتشارًا في الهند ونيبال. وتشير التقارير إلى أن هذه الممارسة وُجدت أيضًا في دول أخرى مثل روسيا وفيجي وفيتنام. ومع مرور الوقت، وُجدت طرق لتقليل معاناة المرأة، حيث كان يمكن للأرملة أن تتناول السم أو المخدرات لتفقد وعيها قبل المحرقة الجنائزية.
استثناءات من ممارسة “ساتي”
كانت هناك بعض القواعد التي استثنت بعض النساء من هذه الممارسة. فعلى سبيل المثال، إذا كانت الأرملة حاملًا أو في فترة الحيض أو لديها أطفال صغار جدًا، لم يكن بإمكانها المشاركة في هذه الطقوس.
ممارسة “ساتي” في العائلات المالكة
تمت ممارسة “ساتي” بشكل متكرر في ولاية راجاستان، وخاصة من قبل نساء العائلات المالكة. تم إنشاء “حجر ساتي”، الذي كان تذكارًا لجميع زوجات الملوك اللواتي توفين بهذه الطريقة. قبل التخلي عن حياتهن، تركت الملكات بصمات أيديهن على الجدران ليُذكرن كزوجات شجاعات ومتفانيات. لا يزال من الممكن العثور على بعض بصمات اليد هذه داخل حصن مهرانجاره.
منع الـ “ساتي” عام 1582
تم حظر ممارسة “ساتي” عدة مرات بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر. وفي عام 1582، حظر الإمبراطور المغولي أكبر هذه الممارسة، ثم حاول أورنجزيب إنهاءها مجددًا عام 1663. كذلك حاول البرتغاليون والفرنسيون والبريطانيون الذين استعمروا الهند وقف هذه الطقوس. وفي عام 1850، شدد البريطانيون القوانين ضد هذه الممارسة. أمر السير تشارلز نابير بإعدام أي كاهن هندوسي يُشرف على إحراق الأرملة حتى الموت. كما تم الضغط على الولايات الأميرية في الهند لمنع هذه الطقوس تمامًا، وكان رجا رام موهان روي أحد الإصلاحيين البارزين الذين عارضوا هذه الممارسة.
قصة روب كانوار التي أحرقت إجباريًا
في عام 1987، في قرية ديورالا في راجستان، أُجبرت امرأة متزوجة تبلغ من العمر 18 عامًا تدعى روب كانوار على أن تصبح “ساتي” بعد وفاة زوجها، الذي لم تكن قد تزوجته إلا لمدة ثمانية أشهر. وعلى الرغم من رفضها، قام رجال القرية بتخديرها وحرقها بالقوة. فتحت الشرطة تحقيقًا في القضية، وتم القبض على هؤلاء الرجال. في ضوء هذه الحادثة، أصدرت الحكومة قانونًا لمنع “ساتي”، الذي جعل إجبار المرأة على هذه الممارسة جريمة يعاقب عليها بالإعدام. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال بعض الأرامل يختارن أن يصبحن “ساتي”، حيث تم تسجيل أربع حالات على الأقل بين عامي 2000 و2015.