قبيلة الغساسنة: ساعدت في نشر الثقافة العربية وتطوير اللغة
أسماء صبحي
قبيلة الغساسنة هي إحدى القبائل العربية التي لعبت دورًا بارزًا في التاريخ العربي والإسلامي. وتنحدر أصول هذه القبيلة من جنوب شبه الجزيرة العربية، إذ تنتمي إلى قبيلة الأزد. ثم ارتحلت إلى الشام في القرن الثالث الميلادي بعد انهيار سد مأرب. استقر الغساسنة في منطقة البلقاء وحوران، وشكلوا مملكة ذات تأثير كبير في تلك المنطقة.
قبيلة الغساسنة
تميزت الغساسنة بعلاقتهم الوثيقة بالإمبراطورية البيزنطية، حيث عملوا كحلفاء عسكريين وسياسيين. وقد أسسوا مملكة قوية تمتعت بالاستقلال الذاتي داخل إطار الإمبراطورية البيزنطية. وقد أشار الدكتور سليمان الطعاني، أستاذ التاريخ في جامعة اليرموك، إلى أن الغساسنة لم يكونوا مجرد حلفاء. بل كانوا شركاء حضاريين ساهموا في حماية حدود الإمبراطورية البيزنطية، مع الحفاظ على هويتهم الثقافية العربية.
وإلى جانب دورهم العسكري والسياسي، كان للغساسنة أثر كبير في نشر الثقافة العربية وتعزيزها. فقد كانوا روادًا في مجال الأدب والشعر، واستقطبوا كبار الشعراء الذين أثروا الساحة الأدبية قبل الإسلام، ومنهم النابغة الذبياني الذي حظي بدعمهم ورعايتهم. كما ساهموا في تطوير اللغة العربية من خلال تدوين بعض النصوص والمراسلات الرسمية.
نشر الدين المسيحي
وعلى المستوى الديني، لعب الغساسنة دورًا محوريًا في نشر المسيحية في الشام قبل الفتح الإسلامي. وكان العديد من ملوكهم يدينون بالمسيحية، وساهموا في بناء الكنائس والأديرة التي لا تزال آثارها قائمة حتى اليوم. وقد أضاف الدكتور غوانمة في كتابه أن “الدور الديني للغساسنة عزز من استقرارهم السياسي والاجتماعي، وشكل ركيزة مهمة لعلاقتهم مع القوى الإقليمية”.
وتظل قبيلة الغساسنة نموذجًا يعكس تأثير القبائل العربية في تشكيل ملامح الحضارة في المنطقة. وهو ما يجعلها محطة مهمة في دراسة التاريخ العربي.