كتبت – شيماء طه
في أعماق التاريخ كان التحنيط فى مصر القديمة فناً علمياً ودينياً ، يعكس إيمان المصريين بالحياة بعد الموت .
أتقن المصريين تقنيات حفظ الجسد لضمان بقاء الروح للأبد وإرتبطت هذة العملية بمعتقداتهم الراسخة حول البعث والخلود . وساهم التحنيط فى توثيق حضارة عظيمة لا تزال تبهر العالم حتى اليوم .
كيف إستطاع المصريون القدماء تحقيق هذه الدقة المذهلة؟ وما العلاقة بين العلم والعقيدة في هذه العملية المعقدة؟
التحنيط عقيدة ترتكز على الخلود
بالنسبة للمصريين القدماء، لم تكن الحياة تنتهي بالموت. بل كانوا يؤمنون بأن الروح تمر بمراحل متعددة قبل أن تصل إلى الخلود.
وكان الحفاظ على الجسد ضرورة لاستكمال هذه الرحلة، إذ اعتقدوا أن الروح بحاجة إلى التعرف على الجسد في العالم الآخر.
لهذا، ارتبط التحنيط بالعقائد الدينية، حيث كان يُعتقد أن الجسد المحنط هو مفتاح البعث والخلود في “الحقل الأخضر”، جنة المصريين القدماء.
تقنيات التحنيط وعبقرية تتجاوز الزمن
تمثل عملية التحنيط قمة الإبداع العلمي للمصريين القدماء، ومرت بمراحل دقيقة :
إزالة الأعضاء الداخلية
كانت الأعضاء مثل الكبد والرئتين تُزال بعناية، وتُحفظ في أوانٍ خاصة تُعرف بـ”الأواني الكانوبية”، بينما كان القلب يُترك لأنه يُعتبر مركز العقل والروح.
التجفيف بالنطرون
استخدم المصريون النطرون، وهو خليط طبيعي من أملاح الصوديوم، لتجفيف الجسد بالكامل ومنع تحلله.
التغليف بالكتان
بعد تجفيف الجسد، كان يُلف بأقمشة الكتان المشبعة بالراتنج والعطور، ما يحفظه من الرطوبة والبكتيريا.
الطقوس السحرية
لم تكن العملية تقتصر على العلم فقط؛ بل كانت تُرافقها طقوس دينية وتعاويذ من “كتاب الموتى” لضمان حماية الروح في رحلتها.
المكونات السرية وخلطات الطبيعة
كما استخدم المصريون القدماء مكونات سرية، جزء مستورد من أماكن بعيدة، مثل الراتنجات المستخرجة من أشجار نادرة، والزيوت العطرية التي تمنح الجسد رائحة مميزة تتسبب في ابتعاد الحشرات.
التوازن بين العلم والعقيدة
تميزت عملية التحنيط بتكامل فريد بين الجانب العملي والروحي.
فبينما إعتمدت على أسس علمية دقيقة مثل التشريح والكيمياء، كان كل خطوة تنطوي على دلالات دينية عميقة تعكس فهمًا فلسفيًا عميقًا للوجود والموت.
الحداثة وكشف الأسرار
في السنوات الأخيرة، ساهمت تقنيات التصوير الطبي والتحليل الكيميائي في فك شفرات عملية التحنيط.
على سبيل المثال، كشفت الدراسات أن المصريين إستخدموا مواد مضادة للميكروبات، مثل القطران والصمغ، للحفاظ على الأجساد لآلاف السنين.