منوعات

خديجة بنت خويلد: اليد التي رفعت راية الإسلام بمالها وإيمانها

“وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا” [سورة النساء: 32].

فالآية تؤكد التكافؤ بين الرجال والنساء في القدرة على العمل والاكتساب. ومن أبرز المجالات التي برعت فيها النساء في الإسلام التجارة، حيث عُرفت العديد منهن بمهاراتهن وإسهاماتهن في هذا المجال، وأعظم مثال على ذلك هو السيدة خديجة بنت خويلد، رضي الله عنها.

 

نسبها ومكانتها
السيدة خديجة، رضي الله عنها، هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى، من أشراف قريش وأعلاهم نسبًا. والدها كان من وجهاء مكة المعروفين، ووالدتها فاطمة بنت زائدة كانت مشهودًا لها بالفضل والكرم.

بفضل مكانتها الرفيعة، عُرفت خديجة بلقب “سيدة نساء قريش” وكانت تتمتع بثروة كبيرة وأخلاق عالية. عُرفت بالطهارة قبل الإسلام وبعده، كما وصفها الإمام الذهبي بأنها “عاقلة، جليلة، كريمة، ومصونة.”

نشاطها التجاري
كانت السيدة خديجة تاجرة بارعة تدير تجارة واسعة وناجحة، وصلت قوافلها إلى الشام والعراق وبلاد الفرس والروم. اشتهرت بجودة بضائعها وحسن إدارتها، وكانت تختار من يعملون معها بعناية فائقة، مفضلة من اشتهروا بالأمانة والصدق. لم تسافر بنفسها، لكنها اعتمدت على نظام “المضاربة” الذي كان يُعقد مع التجار الموثوقين، حيث تتحمل الخسارة كاملة مقابل نسبة من الأرباح.

دورها في نصرة الإسلام
كانت السيدة خديجة أول من آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم ووقفت إلى جانبه في أصعب الظروف، مقدمةً كل ما تملك في سبيل نشر الرسالة الإسلامية. خلال سنوات الحصار في شِعب أبي طالب، شاركت خديجة في تخفيف معاناة المسلمين عبر تأمين الطعام والمؤونة لهم سرًا.

قال النبي عنها:
“ما قام الدين إلا باثنتين: سيف عليّ وأموال خديجة”**، مما يعكس عظمة دورها في دعم الإسلام منذ بداياته.

زواجها

اختارت السيدة خديجة الزواج من النبي لما رأته من صدقه وأمانته وحسن أخلاقه، وكانت تبلغ من العمر أربعين عامًا حين تزوجته. أنجبت له أولاده: القاسم، وعبدالله (الطيب والطاهر)، وبناته: زينب، رقية، أم كلثوم، وفاطمة.

احتلت السيدة خديجة مكانة عظيمة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، فكان دائم الذكر لها حتى بعد وفاتها، قائلًا:
**”والله ما أبدلني الله خيرًا منها؛ قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس.”**

وفاتها
توفيت السيدة خديجة في العام العاشر من البعثة، بعد سنوات من الصبر على الابتلاءات ودعمها المستمر للدعوة الإسلامية، وبلغ عمرها حينها 65 عامًا. وقد أطلق النبي على عام وفاتها “عام الحزن”، تقديرًا لدورها ومكانتها في حياته.

السيدة خديجة، رضي الله عنها، تمثل نموذجًا مشرقًا للمرأة المسلمة التي جمعت بين الحكمة، والقوة، والإخلاص، والعطاء. قصة حياتها تلهم الأجيال وتثبت أن الإسلام كرّم المرأة ومنحها مكانة عظيمة، لتكون شريكًا فاعلًا في بناء الحضارة وتحقيق النماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى