منوعات

حفصة بنت عمر: المرأة التي صانت الكتاب في أحرج الأوقات

 

السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها، إحدى أمهات المؤمنين، تعد من أبرز النساء في تاريخ الإسلام لما حملته من صفات فريدة وأدوار هامة في حياة الأمة الإسلامية. ولدت في بيت تقوى وصلاح، فتربت في كنف والدها الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي كان له دور كبير في نشر الإسلام وتوسيع دولته. وقد كانت حفصة، التي تزوجت النبي صلى الله عليه وسلم، من النساء اللاتي شاركن في العديد من الأحداث التاريخية الهامة، من حفظ المصحف الشريف بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، إلى دورها في دعم الإسلام في فترات الخلافة المختلفة.

في هذه السطور، نسلط الضوء على حياة السيدة حفصة، مسيرة إيمانها وصبرها، وموضعها المميز بين أمهات المؤمنين، فضلاً عن دورها في الحفاظ على التراث النبوي من خلال حفظ المصحف الشريف، وصولاً إلى مواقفها في أوقات الفتن والخلافات الكبرى التي مرت بها الأمة الإسلامية.

بعد شهر من اعتزال النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته، عاد إليهن بعد أن تعلمت جميعهن الدرس، ومن بينهن السيدة حفصة التي كانت على وشك الهلاك من شدة الأسى والندم. ومنذ ذلك الحين، لم تشارك في أي مؤامرة نسائية أخرى في بيت النبي صلى الله عليه وسلم. وعندما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه، كانت السيدة حفصة هي التي اختيرت من بين جميع أمهات المؤمنين، بما فيهن السيدة عائشة، لتحفظ النسخة الأولى من المصحف الشريف.

في أواخر جمادى الآخرة من السنة 13 للهجرة، توفي أبو بكر الصديق رضي الله عنه، أول الخلفاء الراشدين، وتولى الخلافة من بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقد شهدت السيدة حفصة العديد من إنجازات أبيها العظيمة وفتوحات الشام والعراق ومصر في عهده، إلى أن هزت الأمة الإسلامية الفاجعة بمقتل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي اغتيل بخنجر أبي لؤلؤة المجوسي في ليلة محاق من ذي الحجة لعام 23 هـ.

وقد ترك عمر بن الخطاب أمر الخلافة للشورى من كبار الصحابة، فتولى الخلافة بعده أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه. في عهده، تم توحيد رسم المصحف الشريف ونسخه من النسخة التي كانت محفوظة لدى السيدة حفصة، ثم تم توزيعه على الأمصار.

بعد مقتل عثمان رضي الله عنه في ذي الحجة لعام 35 هـ، بويع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة، واندلعت الفتنة الكبرى التي شهدت معركة الجمل، حيث خرجت السيدة عائشة رضي الله عنها مع من رفضوا بيعة علي بن أبي طالب، وقررت السيدة حفصة في البداية أن تخرج معهم، لكن أخاها عبد الله بن عمر رضي الله عنه ردها عن ذلك.

ظلّت السيدة حفصة في المدينة المنورة، عاكفة على العبادة والصيام والقيام، إلى أن توفاها الله تعالى في عهد معاوية بن أبي سفيان مؤسس الدولة الأموية. وقد شيعها أهل المدينة إلى مثواها في البقيع إلى جانب أمهات المؤمنين رضي الله عنهن. ورغم رحيلها، بقيت ذكراها حية في قلوب المؤمنين، فقد كانت حافظة للمصحف الشريف، وما روته من حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن والدها عمر رضي الله عنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى