منوعات

أسماء بنت يزيد: خطيبة النساء وراوية الأحاديث التي تحديت الصعاب

يزعم بعض المنتقدين ويدّعي بعض الجاهلين أن الإسلام لا يشجع على تعليم المرأة، بل يفضل أن تبقى جاهلة . لكن هذا الزعم هو مجرد افتراء واضح؛ إذ لا يوجد دين  دافع عن العلم بقدر ما فعله الإسلام، الذي دعى كلا من الرجال والنساء إلى السعي في دروب المعرفة والبحث عن الحقائق بكل جدية، حيث أعلن أن السبيل الأمثل لمعرفة الله والإيمان به هو العلم، كما جاء في قوله تعالى: “اقرأ باسم ربك الذي خلق”.

وهذه الدعوة إلى العلم، منذ اللحظات الأولى لنزول الرسالة، هي أكبر دليل على المساواة الكاملة بين الرجال والنساء في حق التعلم، فقد كانت النساء في صدر الإسلام متحمسات لتعلم أمور دينهن ومتابعة مشكلاتهن الخاصة، وقد تواجدن في مجالس الرسول صلى الله عليه وسلم، يسألن ويستفسرن، وكان يجيبهن ويوجههن، وهذا يدل على حرصهن على العلم وإدراكهن لأهميته.

ومن النساء اللواتي برزن في التعليم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، تأتي أسماء بنت يزيد بن السكن، التي كانت سبّاقة في الإسلام. أسلمت في العام الأول للهجرة وتفخر بأنها أول من بايع الرسول صلى الله عليه وسلم من النساء. وقد اشتهرت بفصاحتها وجرأتها، حيث توجهت للرسول صلى الله عليه وسلم تعبر عن استفسارات النساء، فجاء ردّه مؤكداً على أن حسن تبعل المرأة لزوجها ورضاهما المتبادل يعادل الأجر في أمور الدين.

وقد نشأت أسماء في أسرة معروفة بالجهاد والتضحية، فوالدها وأخوها وعمها استشهدوا في سبيل الله، ورغم فقدانها لهم، ظلّت قوية الإيمان وواعية لمكانة الرسول، حتى أنها حين رأت الرسول سالماً بعد غزوة أحد، قالت: “كل مصيبة بعدك هينة”.

لم تقتصر مشاركة أسماء على التعلم فقط؛ فقد شاركت في غزوات مثل الخندق وخيبر، وكانت حاضرة في معركة اليرموك في الشام، حيث كانت تسعف الجرحى وتشارك بجرأة، حتى أنها قتلت تسعة من الجنود الروم بعمود خيمتها.

روت أسماء بنت يزيد حوالي واحد وثمانين حديثاً عن الرسول، وتعتبر من النساء اللواتي تميزن برواية الحديث بعد السيدة عائشة وأم سلمة، وروى عنها عدد من التابعين وأصحاب السنن.

وقد توفيت أسماء في سنة 69هـ في عهد عبد الملك بن مروان، تاركة وراءها إرثاً من العلم والإيمان والشجاعة، حيث تعتبر نموذجاً للمرأة المسلمة التي جمعت بين الإيمان القوي والعلم الرفيع والشجاعة التي لا تلين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى