كيرلس الخامس.. البابا الذي طرد مبعوث الإنجليز من البطريركية
رجل معجون وطنية، رحل عن عالمنا إلى الملكوت في يوم 17 أغسطس1927، هو البابا كيرولس الخامس قد لا يعرفه الجيل الحالي، ولا السابق وربما الأسبق ولكن في التّذكرة عبرة وعظة ووفاء وإستحضارا لنماذج طيبة وتجارب عظيمة في زمن إتسعت فيه مساحات القبح وتبددت فيه معاني الوطنية والإنتماء.
يقول عنه الكاتب الراحل / جمال بدوي
أنه كان شخصية فريدة تجمع المهابة والوقار والحزم، إلى جانب الزهد والورع، شارك بإيجابية فى كل الأحداث الخطيرة التى تعرضت لها مصر خلال عمره، ساند ثورة عرابى وكان فى مقدمة الذين وقعوا عريضة خلع الخديوى توفيق الذى إستعان بالإنجليز لضرب ثورة عرابى، وعندما حاول الإنجليز إجهاض الثورة والتلويح بحماية الأقباط ، رد عليهم كيرلس الخامس: إن المصريين شعب واحد وحمايته موكله لله وحده.
حافظ على إستقلال الكنيسة وعلى طابعها الوطنى وعاند الإتجاه الإصلاحى الذى كان يقوده بطرس غالى باشا مدعوما من الإحتلال الإنجليزى.
ويخبرنا عنه العقاد فيقول: عندما زاره اللورد كيتشر فى دار البطريركية، رفض كيرلس الخامس مقابلته وقال للحاجب أخبر اللورد أننى لا أقابل أحدا بدون موعد، وعندما طلب منه فؤاد الأول أن يبارك وزارة زيور باشا كما بارك من قبل وزارة سعد باشا، قال له كيرلس الخامس (البركة لا تمنح باليمين لتسلب باليسار).
وفى كتاب (المسلمون والأقباط ) لـ طارق البشرى يقول: «كان فى موضع التجلة والإحترام بين المصريين جميعا، وكان رجال الحركة الوطنية ينظرون إليه بكثير من الإمتنان».
بعد هزيمة عرابى ونهاية ثورته التى كانت أول ثورة مصرية فى العصر الحديث، شكل العرابيون ومنهم العقاد وكيرلس الخامس جبهة للدفاع عنها من الثورة المضادة التى حاولت تشوية الثورة وتشوية قائدها نفسه، وكان نصيب كيرلس الخامس من هذه المعركة التى دامت بالنسبة له 10 سنوات من نهاية الثورة، إستصدار أمر بتجريده ونفيه 1892 إلى دير البراموس بوادى النطرون، حيث توفى هناك فى 17 أغسطس 1927، فى نفس أسبوع وفاة زعيم الأمة سعد زغلول، سيبقى كيرلس الخامس فخر لكل المصريين.