أزمة الإيجار القديم: تحديات وحلول نحو تحقيق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين
أسماء صبحي
تعد قضية الإيجار القديم من أبرز التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه العديد من الدول، وخاصة مصر. فقد أنشئ قانون الإيجار القديم بهدف حماية المستأجرين من زيادات مفاجئة في الإيجارات، إلا أن ذلك أسفر عن انخفاض كبير في قيمة الإيجارات مقارنة بالقيمة السوقية الحالية، مما جعل العديد من الملاك يشعرون بالظلم لعدم قدرتهم على استثمار ممتلكاتهم بشكل ملائم أو الحصول على عائد مادي عادل.
تحدي كبير
في السنوات الأخيرة، تصاعدت المناقشات حول تعديل أو إلغاء قانون الإيجار القديم تدريجياً، وهو ما أثار جدلاً كبيراً بين الملاك والمستأجرين. وفي هذا السياق، أشار المستشار رضا صقر، رئيس حزب الاتحاد، إلى أن هذه القضية تمثل تحديًا كبيرًا للملاك الذين يمتلكون عقارات لا تحقق لهم عوائد مناسبة. وأوضح أن العديد من هؤلاء الملاك يتقاضون إيجارات منخفضة للغاية، في بعض الحالات لا تتجاوز العشرة جنيهات، مما يشعرهم بعدم الإنصاف.
وأشار صقر، إلى أن الوضع الحالي يحرم المالك من الاستفادة من ممتلكاته في ظل احتفاظ المستأجرين بها لفترات طويلة جداً، تصل إلى عدة عقود. وأكد أن الحلول المقترحة يجب أن تحقق توازناً بين حقوق المالك ومصلحة المستأجر الذي استقر في هذه الوحدات لسنوات طويلة، مشيراً إلى أهمية مراعاة الأسرة المصرية في أي حل يتم طرحه.
وأوضح صقر، أن قضية الإيجارات القديمة طرحت منذ التسعينات، حيث صدر قانون الإيجارات المحددة المدة عام 1996 الذي بدأ العمل به من خلال عقود جديدة تنتهي بانتهاء المدة المتفق عليها، إلا أن مشكلة الإيجارات القديمة التي كانت قائمة قبل ذلك القانون لا تزال مستمرة. وأضاف أن حل هذه المشكلة يتطلب إجراء حصر دقيق لعدد السكان القاطنين في هذه الوحدات، لتوفير قاعدة بيانات تساعد في اتخاذ قرارات مناسبة.
وأشار صقر، إلى ضرورة مراعاة الظروف المالية للمستأجرين الذين قد لا يكون لديهم القدرة على دفع إيجارات مرتفعة، وأهمية الالتزام بالمواقع الرسمية والمعنية في مناقشة الموضوع وتوفير الدعم اللازم لمحدودي الدخل. وأكد أنه لا يمكن اتخاذ قرارات مفاجئة تجبر المستأجرين على الإخلاء دون توفير بدائل مناسبة، خاصة وأن هناك العديد من العائلات التي لا تستطيع تحمل تكلفة السكن في السوق الحر.
حلول مدروسة لأزمة الإيجار القديم
من جهته، أشار الخبير العقاري مراد منير إلى أن مشكلة الإيجار القديم تتطلب حلولاً مدروسة بدقة ومبنية على إحصائيات حديثة. وأوضح أن الإيجارات القديمة أصبحت تشكل نسبة صغيرة من حجم الإسكان في مصر، مشيراً إلى أن نسبة هذه الإيجارات كانت في عام 2017 حوالي 6%، وتقلصت الآن إلى حوالي 3% مع تزايد النمو العمراني وبناء وحدات جديدة.
وأشار منير، إلى أن بناء الوحدات الجديدة يتركز في المناطق الصحراوية نظراً لارتفاع أسعار الأراضي في المدن الرئيسية التي تعاني من كثافة سكانية عالية ومشاكل استثمارية ومرورية مثل القاهرة والمنصورة وطنطا. وأكد أن الدولة تدعم المستأجرين محدودي الدخل من خلال مشاريع الإسكان الاجتماعي التي تهدف إلى توفير مساكن بأسعار مناسبة.