ارتفاع الدولار مقابل الجنيه.. تداعيات السياسات الاقتصادية وتوقعات المستقبل
أسماء صبحي
شهد الدولار الأمريكي ارتفاعاً ملحوظاً أمام الجنيه المصري خلال الأيام الأربعة الأولى من شهر نوفمبر، حيث زاد سعره في البنوك المحلية ما بين 31 و41 قرشاً، متجاوزاً حاجز الـ49 جنيهاً لأول مرة منذ تحرير سعر الصرف في مارس الماضي.
آليات العرض والطلب
وأوضح خبراء مصرفيون أن هذا الارتفاع يعود إلى آليات العرض والطلب، لا سيما بعد توجيهات البنك المركزي بضرورة توفير الدولار لاستيراد كافة السلع وليس الضرورية فقط، مع توقعات باستمرار هذا الارتفاع دون تجاوز حاجز الـ50 جنيهاً.
وفي تقرير نشرته “بلومبرج”، أبدى المستثمرون رغبتهم في الحصول على توضيحات من صندوق النقد الدولي حول أسباب استقرار سعر الجنيه لفترات طويلة، على الرغم من التزام الحكومة بسياسة سعر صرف مرنة. وحث جهاد أزعور، المدير الإقليمي للصندوق، السلطات المصرية على التمسك بمرونة العملة.
ومنذ يونيو الماضي، حافظ الجنيه المصري على متوسط 48 جنيهاً للدولار، باستثناء فترة في أغسطس حيث ارتفع مؤقتاً إلى أكثر من 49 جنيهاً. وفي البنوك مثل الأهلي ومصر والمصرف المتحد، صعد سعر الدولار مؤخراً بنحو 38 قرشاً ليصل إلى 49.07 جنيه للشراء و49.17 جنيه للبيع، بينما شهد البنك التجاري الدولي ارتفاعاً أكبر بلغ 41 قرشاً. كما سجّل الدولار زيادات مشابهة في بنوك أخرى مثل قناة السويس وكريدي أجريكول، مما يعكس تأثير الطلب على استيراد كافة السلع.
سبب ارتفاع الدولار
ويرى الخبير الاقتصادي محمد أنيس أن هذه الزيادة في سعر الدولار هي استجابة طبيعية للعرض والطلب في السوق، مؤكداً أن السعر المتوازن للدولار في الوقت الحالي يجب أن يكون حوالي 48 جنيهاً، مع نطاق حركة يتراوح بين 46 و50 جنيهاً، مما يدل على مرونة سعر الصرف بدون تدخل مباشر من البنك المركزي.
وفي مارس الماضي، سمح البنك المركزي المصري بتحديد سعر صرف الجنيه وفقاً للعرض والطلب، مع رفع أسعار الفائدة 600 نقطة أساس، ما أدى إلى تراجع قيمة الجنيه إلى 50 جنيهاً للدولار في السوق الرسمية، فيما ارتفع إلى نحو 70 جنيهاً في السوق الموازية.
وتشير التحليلات إلى أن التوترات الجيوسياسية وانخفاض إيرادات قناة السويس بنسبة 60% أثرت أيضاً على سعر الصرف، حيث أضعف الطلب على الجنيه بسبب خروج الأموال الساخنة.
استقرار سعر الجنيه
ويعتقد الخبير المصرفي أحمد شوقي، أن الجنيه قد يستقر تحت حاجز الـ50 جنيهاً بفضل الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي يقترب من 47 مليار دولار، مما يمنح الحكومة بعض القدرة على التحكم النسبي في سعر الصرف.
ويرى المصرفي ناصر حسن أن توجيهات البنك المركزي بتوفير الدولار لاستيراد السلع غير الأساسية قد زادت من الطلب على الدولار، إلا أن سياسة الاستهلاك الرشيد قد تساهم في الحد من تدهور قيمة الجنيه مستقبلاً.