فاطمة أحمد علي: رمز المرأة النوبية وقائدة المجتمع في أسوان
أسماء صبحي
تمتاز المرأة النوبية في أسوان بحضورها القوي وتفانيها في خدمة مجتمعها، ومن أبرز النماذج التي تجسد دور المرأة النوبية في القيادة المجتمعية تأتي شخصية فاطمة أحمد علي، المرأة التي استطاعت أن تكون رمزاً لنساء أسوان، وحققت إنجازات كبيرة في مجالات التعليم والثقافة والحفاظ على التراث النوبي، إضافة إلى دورها في النهوض بالمرأة النوبية وتمكينها من المشاركة الفاعلة في المجتمع.
النشأة وتحديات البدايات
ولدت فاطمة أحمد علي في إحدى قرى النوبة بمحافظة أسوان، في بيئة تتسم بالترابط القبلي، والتقاليد العريقة التي حرصت على تمكين الأجيال الجديدة من القيم الثقافية النوبية.
كغيرها من فتيات القرية، واجهت تحديات عديدة تتعلق بالظروف الاجتماعية والاقتصادية، ووجدت في التعليم وسيلة أساسية لتحقيق طموحاتها وخدمة مجتمعها. وتمكنت من إكمال تعليمها حتى المرحلة الجامعية، حيث درست في مجال الأدب والتربية، وكرست جهودها بعد ذلك لتطوير وتنمية دور المرأة النوبية في أسوان.
كانت فاطمة أحمد من الشخصيات التي تدرك أهمية الحفاظ على التراث النوبي، فعملت على نشر ثقافة الاعتزاز بالهوية النوبية بين الجيل الجديد، ونظمت ورش عمل ومناسبات مجتمعية تهدف إلى تعريف الشباب بالقيم والعادات النوبية.
أسست فاطمة بالتعاون مع نساء أخريات من المجتمع النوبي مراكز تعليمية تركز على تعليم اللغة النوبية والحفاظ على الفلكلور، كالأغاني الشعبية والحرف التقليدية كصناعة الفخار والنسيج.
كما أن جهودها في الحفاظ على التراث لم تقتصر على الأنشطة الثقافية فقط، بل امتدت لتشمل التعاون مع مؤسسات محلية ودولية لنشر التراث النوبي وتسليط الضوء على تاريخه العريق. وقد حققت من خلال ذلك إشادة واسعة، حيث أصبحت نموذجاً يُحتذى به للمرأة النوبية الساعية للحفاظ على هويتها الثقافية.
دورها الاجتماعي والتنموي
أدركت فاطمة أن النساء في المجتمع النوبي بحاجة إلى من يدعمهن لتحقيق أهدافهن، فأنشأت جمعيات تهتم بتمكين المرأة النوبية ودعمها في مجالات مختلفة، مثل التعليم والصحة وتطوير المهارات. قامت بتنظيم ندوات وورش عمل في قرى أسوان بهدف توعية النساء بحقوقهن وأهمية دورهن في المجتمع. كما ساهمت في تدريب النساء على الحرف اليدوية التقليدية، ما أتاح لهن فرصة توفير دخل مالي والمساهمة في تحسين الوضع الاقتصادي لأسرهن.
كان لفاطمة أيضاً دور كبير في دعم تعليم الفتيات في المجتمع النوبي، حيث شجعت العديد من العائلات على إرسال بناتهن للمدارس والجامعات، وكانت تؤكد دائماً أن التعليم هو مفتاح التغيير الإيجابي وأنه السبيل الأمثل لمواجهة التحديات.
دعم فاطمة أحمد علي للعمل التطوعي
إلى جانب دورها المجتمعي والتنموي، شجعت فاطمة الشباب النوبي على الانخراط في الأعمال التطوعية لخدمة مجتمعاتهم، وقدمت لهم الدعم والإرشاد في إنشاء مبادرات بيئية وثقافية تهدف إلى تحسين البيئة المحلية والحفاظ على التراث النوبي. وساهمت في إنشاء مبادرات لتوعية الشباب بأهمية الحفاظ على نهر النيل، كونه مصدر حياة لمجتمع النوبة.
كما لعبت دوراً في تنسيق المبادرات التي تعزز من ثقافة التعاون بين القرى النوبية، وشجعت على مشاركة الشباب في الفعاليات المحلية والدولية التي تعكس ثقافة المجتمع النوبي، ما جعلها محط احترام وتقدير من قبل الأجيال الشابة التي وجدت فيها قدوة وأملاً للمستقبل.
حظيت فاطمة بتكريمات عديدة على جهودها وإنجازاتها في المجتمع النوبي، سواء على المستوى المحلي أو الوطني. وقد تم اختيارها لتمثيل المرأة النوبية في عدد من المؤتمرات المحلية والإقليمية المتعلقة بتمكين المرأة والحفاظ على التراث. وحظيت بتقدير رسمي من المؤسسات الثقافية في مصر لدورها الكبير في الحفاظ على الثقافة النوبية وتعزيز الهوية الوطنية.