المزيدتاريخ ومزاراتحوارات و تقارير
أخر الأخبار

محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة وباني نهضتها

 

كتبت – شيماء طه

محمد علي باشا (1769-1849) هو مؤسس الدولة المصرية الحديثة، وواحد من أبرز الشخصيات التي شهدتها مصر في تاريخها الحديث. حكم مصر في الفترة ما بين 1805 و1848، وقام خلالها بإحداث تحولات جذرية في البلاد من حيث السياسة، الاقتصاد، والتعليم، والعسكرية.

تُعد فترة حكمه نقطة تحول في تاريخ مصر، حيث نجح في تحويلها من ولاية عثمانية ضعيفة إلى دولة ذات سيادة قوية وقاعدة اقتصادية متينة.

وصوله الحكم

بدأت رحلة محمد علي نحو السلطة عندما جاء إلى مصر كجزء من الجيش العثماني المرسل لطرد الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت (1798-1801).

بعد انسحاب الفرنسيين، انخرط محمد علي في صراعات القوى الداخلية بين المماليك والعثمانيين ، بفضل دهائه السياسي وعلاقاته العسكرية، استطاع محمد علي اكتساب تأييد الشعب والعلماء، مما دفع السلطان العثماني إلى تعيينه واليًا على مصر في عام 1805.

الإصلاحات العسكرية والاقتصادية

بعد أن استقر في الحكم، أدرك محمد علي أن تعزيز الجيش المصري هو المفتاح لبناء دولة قوية.

قام بإجراء إصلاحات جذرية في الجيش، حيث أسس جيشًا حديثًا يعتمد على التجنيد الإجباري، وقام بإرسال بعثات طلابية إلى أوروبا لتعلم الأساليب العسكرية الحديثة.
كما أسس مدارس لتدريب الضباط والجنود، واستقدم خبراء عسكريين من أوروبا لتدريب الجيش المصري على أحدث التقنيات.

اقتصاديًا، عمل محمد علي على تطوير الزراعة والصناعة في مصر.

من أبرز إنجازاته في هذا المجال هو إصلاح نظام الري وتوسيع زراعة القطن، الذي أصبح المصدر الرئيسي للدخل في مصر خلال تلك الفترة ، كما أسس محمد علي العديد من المصانع، بما في ذلك مصانع الغزل والنسيج، والحدادة، والسفن، مما ساعد في تحسين الاقتصاد المصري بشكل كبير.

إصلاحاته الإدارية والتعليمية

قام محمد علي بإدخال إصلاحات إدارية لتعزيز سيطرة الدولة على مختلف المؤسسات، حيث ألغى النظام الإقطاعي التقليدي وقام بإعادة توزيع الأراضي على الفلاحين بهدف تحسين الإنتاج الزراعي ، كما قام بإصلاح النظام الضريبي، مما ساعد في زيادة دخل الدولة ومواردها.

وفي مجال التعليم، أدرك محمد علي أهمية التعليم لتطوير المجتمع، فقام بإرسال العديد من البعثات التعليمية إلى أوروبا لدراسة العلوم والفنون العسكرية. أسس المدارس الحديثة، بما في ذلك المدارس العسكرية والطبية، مما ساهم في نشر التعليم بين المصريين وإعداد جيل جديد من المهنيين القادرين على خدمة الدولة المصرية.

السياسة الخارجية والتوسع

نجح محمد علي في بناء جيش قوي استخدمه في التوسع الإقليمي داخل وخارج مصر ، قاد حملات عسكرية ناجحة في الجزيرة العربية (لتأديب الوهابيين)، والسودان (لضمها إلى مصر)، وبلاد الشام.

كما خاض حربًا ضد الدولة العثمانية، وكاد أن يُسقط السلطنة لولا تدخل القوى الأوروبية التي أجبرته على التراجع ، رغم أن محاولاته للتوسع لم تنجح بالكامل، فإن هذه الحملات ساعدت في تعزيز مكانة مصر كقوة إقليمية.

مواجهة القوى الأوروبية

على الرغم من نجاحاته العديدة، واجه محمد علي تحديات كبيرة من القوى الأوروبية التي كانت تخشى تصاعد قوته.

بعد حملته الناجحة في الشام ضد العثمانيين، تدخلت بريطانيا وفرنسا وروسيا والنمسا في الصراع، وأجبرته على توقيع معاهدة لندن في عام 1840، والتي قيدت طموحاته الإقليمية. وبموجب هذه المعاهدة، احتفظ محمد علي بحكم مصر والسودان وراثيًا لعائلته، لكنه تخلى عن بقية الأراضي التي كان قد ضمها.

تُعتبر فترة حكم محمد علي بداية العصر الحديث في مصر، حيث أسس قواعد الدولة المركزية الحديثة التي كانت مستقلة في إدارة شؤونها، رغم بقاء مصر رسميًا تحت السيادة العثمانية.

بفضل إصلاحاته، تمكنت مصر من امتلاك جيش قوي، واقتصاد مزدهر، ونظام تعليمي متطور، مما مهد الطريق للأجيال اللاحقة للاستمرار في بناء الدولة المصرية الحديثة.

ترك محمد علي إرثًا سياسيًا واقتصاديًا كبيرًا، ولا يزال يُعتبر الشخصية المؤسسة لمصر الحديثة. استمر تأثير إصلاحاته حتى بعد وفاته، حيث حكمت أسرته مصر لعدة عقود بعده، واستمرت الإصلاحات التي بدأها في التأثير على مسار تطور الدولة

كان محمد علي باشا قائداً طموحاً يتمتع برؤية واضحة لبناء دولة قوية ومستقلة. قاد إصلاحات واسعة في مجالات متعددة، من الجيش والاقتصاد إلى التعليم والإدارة.

على الرغم من التحديات التي واجهها من القوى الخارجية، نجح في تحقيق العديد من الإنجازات التي جعلت من مصر قوة إقليمية مؤثرة.

ترك بصمة لا تُنسى في تاريخ مصر، ويُذكر كأحد أعظم حكامها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى