كتبت – شيماء طه
قبيلة العبيدات هي إحدى القبائل العربية التي تسكن في ليبيا، وهي من أعرق وأكبر القبائل في المنطقة الشرقية من البلاد.
تعود أصولها إلى شبه الجزيرة العربية، حيث يُعتقد أن أجدادها هاجروا إلى ليبيا في فترات زمنية قديمة، واستقروا في مناطق مختلفة من الشرق الليبي.
لعبت القبيلة دوراً مهماً في التاريخ الليبي من خلال مشاركتها في المقاومة ضد الاستعمار الإيطالي وكذلك في الشؤون السياسية والاجتماعية للبلاد.
عادات وتقاليد أصيلة
تتميز قبيلة العبيدات بتراثها الثقافي الغني، حيث حافظت على عاداتها وتقاليدها العربية الأصيلة عبر الزمن.
من أبرز سمات القبيلة هو الإلتزام بالقيم التقليدية مثل الشرف والكرم والولاء للعائلة والقبيلة ، تحتفظ القبيلة بنظام اجتماعي قائم على التعاون والتماسك الاجتماعي، ويُعتبر الشيخ أو زعيم القبيلة هو المرجع الأساسي في حل النزاعات واتخاذ القرارات الهامة.
هذا النظام الاجتماعي القبلي ظل سائداً حتى وقت قريب، ويعكس البنية التقليدية للمجتمع الليبي قبل التحولات الكبيرة التي حدثت في البلاد في العقود الأخيرة.
اقتصادياً، تعتمد مناطق العبيدات بشكل كبير على الزراعة والرعي، حيث تتوفر أراضٍ خصبة ومياه جوفية تدعم هذه الأنشطة الاقتصادية. رغم أن ليبيا غنية بالنفط، فإن المناطق القبلية لم تكن جزءاً كبيراً من صناعة النفط، وظلت تعتمد على الموارد الطبيعية التقليدية. وقد ساهمت هذه الأنشطة في استقرار القبيلة في مناطقها الجغرافية وتوفير سبل العيش لسكانها على مر العصور.
لعبت قبيلة العبيدات دوراً بارزاً في المقاومة الليبية ضد الاستعمار الإيطالي الذي بدأ في أوائل القرن العشرين.
كانت القبيلة جزءاً من التحالفات القبلية التي قادت حملات المقاومة المسلحة ضد الاحتلال، حيث شارك العديد من أفرادها في المعارك ضد القوات الإيطالية، وكانوا من بين الذين قدموا تضحيات كبيرة من أجل تحرير البلاد.
القائد عمر المختار
من بين أشهر شخصيات القبيلة في تلك الفترة، القائد الليبي الشهيد عمر المختار، الذي يُعد رمزاً للمقاومة ضد الاستعمار في ليبيا، وقد قاد حركة مقاومة فعّالة ضد الإيطاليين حتى إعدامه في عام 1931.
على الرغم من التغيرات السياسية والاجتماعية التي شهدتها ليبيا في العقود الأخيرة، فإن قبيلة العبيدات لا تزال تحتفظ بنفوذها السياسي والاجتماعي.
الدور السياسى
شاركت في الحركات السياسية الحديثة، وكان لها دور في فترة الثورة الليبية التي اندلعت في عام 2011 للإطاحة بنظام معمر القذافي.
كما أن العديد من أفراد القبيلة انخرطوا في المشهد السياسي ما بعد الثورة، سواء من خلال الانضمام إلى الحكومة المؤقتة أو المشاركة في المفاوضات والمبادرات الرامية إلى إعادة الإستقرار إلى البلاد.
من الناحية الاجتماعية، تتميز قبيلة العبيدات بوجود هيكل تنظيمي قوي يقوم على الروابط العائلية والقبلية، هذا النظام يساهم في تعزيز الوحدة والتماسك داخل المجتمع القبلي، ويُعتبر الزعيم أو “شيخ القبيلة” هو الشخص الذي يحظى بالاحترام والتقدير، وله دور رئيسي في حل النزاعات الداخلية وتوجيه القبيلة في القضايا الهامة.
ورغم التحديات التي تواجه ليبيا ككل، إلا أن العبيدات لا تزال تلعب دوراً في الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي في المناطق التي تسيطر عليها.
من الناحية الثقافية، تعتبر القبيلة إحدى الحافظات الرئيسية للتراث الشعبي الليبي، حيث تُقام العديد من الفعاليات الثقافية والاحتفالات التي تعكس تراث القبيلة وهويتها. تتضمن هذه الفعاليات الشعر التقليدي، والموسيقى، والرقصات الشعبية التي تشكل جزءاً من الفلكلور الليبي. وتعد هذه المناسبات فرصة لأفراد القبيلة للتواصل والتفاعل مع بعضهم البعض، وتوطيد العلاقات الاجتماعية.
تُعد قبيلة العبيدات جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي لليبيا، وتمثل أحد الأعمدة الأساسية في تاريخ البلاد. ورغم التحديات التي تواجهها ليبيا في الوقت الحاضر، إلا أن قبيلة العبيدات لا تزال تحتفظ بدورها المهم في المجتمع الليبي، سواء من حيث الحفاظ على التراث والثقافة، أو المشاركة في الشؤون السياسية والاجتماعية.
