أصول ضائعة: قبيلة بني حسن وميراثها المفقود
على مر العصور، أدت الزيادة الكبيرة في عدد العائلات والقبائل المنتسبة إلى الأشراف الهاشميين في العالم العربي والإسلامي إلى ضياع الكثير من أنساب هذه العائلات. فقد انخرط البعض منها في قبائل أخرى أو منعهم الواقع السياسي من التعبير عن انتسابهم. من بين هذه القبائل، برزت قبيلة بني حسن في القدس وشرق الأردن، التي طمست بعض الكتب التاريخية جذورها الحقيقية.
كتاب “الأردن وقبائله” للكاتب البريطاني فردريك بك، الذي نُشر في عام 1932، اعتمد عليه عدد من المؤرخين، وذكر أن نسب قبيلة بني حسن يعود إلى بني عذرة استنادًا إلى ما ورد في كتاب “نهاية الأرب” للقلقشندي. لكن عند العودة إلى هذا الكتاب، يتضح أن القبيلة المنسوبة إلى عذرة هي في الحقيقة قبيلة بني حن وليس بني حسن.
يتعلق الأمر بالأشراف الحسنيين الذين حكموا مكة لفترات طويلة. وتظهر مصادر مختلفة أن قبيلة بني حسن تشمل عائلات متعددة، مثل بني حسن البغيض وبني حسن بن المرتضى الأكبر، إلى جانب بني حسن بن موسى الكاظم، وهو ما يُرجح أن قبيلة بني حسن في القدس والأردن تعود إلى هذا الأخير.
يسلط كتاب “الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل” الضوء على الأشراف الحسينيين في القدس، ويشير إلى جدهم الشريف بدر الدين بن محمد الحسيني الذي ارتحل من وادي النسور. كما يشير كتاب “القدس في العصر المملوكي” إلى أن الأشراف الذين عاشوا في المنطقة هم من نسل الحسين بن علي، بينما يُثبت كتاب “بحر الأنساب” وجود أحفاد لموسى الكاظم في بيت المقدس.
تاريخ قبيلة بني حسن يعود إلى فترة صلاح الدين الأيوبي، حينما استعان بهم خلال حصاره لقلعتي الكرك والشوبك. استقر جزء كبير منهم في منطقة عفرا ورافقوا صلاح الدين عند فتح بيت المقدس، حيث منحهم أراضٍ واسعة.
كانت قرى بني حسن في القدس تسعًا، لكن أحداها انتقلت إلى بني مالك اليمانية، بينما بقيت القرى الأخرى مثل قرية الولجة والجورة، وتم تصنيف هذه القرى في العهد العثماني تحت مسمى “ناحية حسن”.
فيما يتعلق بالتوزع الجغرافي، انتشرت قبيلة بني حسن في مناطق متعددة، بدءًا من المفرق حتى الزرقاء وصولًا إلى حدود جرش غربًا. من العائلات المرتبطة ببني حسن في القدس، نجد آل الحسيني، وأبو سبيت، وآل ساري، بينما تشمل العائلات في الأردن المشاقبة، والحرّاش، والخوالدة.
تبقى قبيلة بني حسن مثالًا حيًا على التراث الهاشمي الذي يجسد تاريخًا عريقًا يعكس التحديات التي واجهتها العائلات والقبائل عبر العصور، وما زال يسعى أحفادها للحفاظ على هويتهم وجذورهم.