بئر زمزم: معجزة الماء في قلب مكة
بئر زمزم هو بئر تاريخي يقع في الحرم المكي على بعد 20 مترًا من الكعبة المشرفة، ويُعتبر من الأماكن المقدسة لدى المسلمين بسبب ما يحمله من رموز دينية عميقة. تشير الدراسات إلى أن العيون المغذية للبئر تضخ ما بين 11 إلى 18.5 لترًا من الماء في الثانية، مما يجعله مصدرًا حيويًا للمياه في المنطقة. يبلغ عمق البئر حوالي 30 مترًا، مقسمًا إلى جزئين: الجزء الأول مبني وعمقه 12.80 مترًا عن فتحة البئر، في حين أن الجزء الثاني مُنقور في صخر الجبل ويبلغ طوله 17.20 مترًا. مستوى الماء عن فتحة البئر يبلغ حوالي أربعة أمتار، بينما يقع عمق العيون التي تغذي البئر على عمق 13 مترًا، ويصل من العيون إلى قاع البئر إلى 17 مترًا.
تعود قصة بئر زمزم إلى زمن النبي إبراهيم، كما ورد في صحيح البخاري ضمن كتاب أحاديث الأنبياء. عندما جاء النبي إبراهيم إلى مكة مع زوجته هاجر وابنهما إسماعيل، أنزلهما في مكان قرب الكعبة التي لم تكن قائمة آنذاك، وتركهما في ذلك المكان دون غذاء سوى حافظة ماء صغيرة مصنوعة من الجلد. لم يمض وقت طويل حتى نفد الماء، وعندما سمعت هاجر بكاء ابنها إسماعيل، حاولت البحث عن الماء. صعدت جبل الصفا ثم جبل المروة، وعادت وكررت ذلك سبع مرات، وهو ما أصبح تقليد السعي بين الصفا والمروة في الحج.
وفي لحظة من اليأس، سمعت هاجر صوتًا. وعندما صاحت تطلب العون، ظهر جبريل عليه السلام وضرب موضع البئر بعقب قدمه، فانفجرت المياه من باطن الأرض. تجمعت هاجر حول الماء، وكانت تقول “زم زم”، تعني تجمع باللغة السريانية، تخوفًا من ضياع الماء في الرمال. وقد ذكر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أنه لو تركت هاجر ابنها مع الماء لكان عينا جارية، أي أن الماء كان سيظهر بشكل طبيعي وليس مدفونًا تحت الأرض.
تعود تسميته بهذا الاسم إلى ما قالته هاجر عند رؤية الماء، حيث أخذت تحيطه بيديها وهي تردد “زمى زمى”، تعبيرًا عن خوفها من فقدان الماء الثمين. بئر زمزم هو تجسيد للإيمان والصبر، ويظل رمزًا حيًا لمعجزة ربانية تجسد الرزق في أكثر الأوقات حاجة.