موقع مروي: شاهد على عظمة حضارة كوش في السودان
أسماء صبحي
يعتبر موقع مروي في السودان من المواقع التاريخية الهامة التي لم تنل الكثير من الشهرة في الدوائر السياحية والعلمية رغم أهميتها البالغة. وتقع مروي على بعد حوالي 200 كيلومتر شمال الخرطوم، وكان عاصمة لمملكة مروي. وهي واحدة من أهم ممالك مملكة كوش القديمة التي حكمت منطقة النيل منذ قرون عديدة. وتأسست مروي في حوالي 800 قبل الميلاد، وازدهرت حتى القرن الرابع الميلادي.
أهرامات موقع مروي
من أبرز معالم مروي هي الأهرامات التي تميزت بطابعها الفريد. وتختلف أهرامات مروي عن تلك الموجودة في مصر من حيث الشكل والحجم؛ فهي أصغر وأكثر حدة من حيث الزوايا. كما يحتوي الموقع على أكثر من 200 هرم، وهي قبور ملكية كانت تستخدم لدفن حكام المملكة وكبار الشخصيات.
وتمثل هذه الأهرامات شهادة على التطور العمراني والهندسي المتقدم الذي تمتعت به هذه الحضارة. وقد أدرجت من قبل اليونسكو كموقع تراث عالمي.
دوره في التاريخ الإفريقي
يشير الباحثون إلى أن مروي كانت مركزًا تجاريًا هامًا، حيث كانت تربط بين شمال أفريقيا ووسطها وبين البحر الأحمر. كما كانت مركزًا ثقافيًا ودينيًا هامًا، حيث لعبت دورًا بارزًا في نقل وتعزيز المعرفة حول الأدوات المعدنية والنحت على الحجر.
وتقول الدكتورة فاطمة الزايدي، أستاذة التاريخ الإفريقي بجامعة الخرطوم: “يمثل الموقع يمثل مرحلة متقدمة من التطور السياسي والتجاري في السودان القديم. وكان له تأثير كبير في المنطقة طوال عدة قرون.”
وتابعت إن هذا الموقع التاريخي يقدم رؤى فريدة عن مملكة كوش وقيمها الاجتماعية والاقتصادية. وهو يعد من الكنوز الأثرية التي تستحق مزيدًا من الاهتمام والدراسة.
تأثير الموقع على فن العمارة
تميز الموقع بأسلوب معماري فريد، حيث كانت الأهرامات والأبنية الحجرية الصغيرة تتضمن نقوشًا تعبر عن المعتقدات الدينية والاحتفالات الملكية. ويعتقد الباحثون أن مروي تأثرت بالتقاليد المصرية القديمة لكنها أضافت لمسات خاصة جعلت من فنها المعماري فريدًا في سياق الحضارات النيلية. كما تظهر الأدلة الأثرية استخدام الطوب المحروق في البناء، مما يشير إلى تقدم تكنولوجي غير مسبوق في ذلك العصر.
ولا يزال الموقع محط اهتمام الباحثين وعلماء الآثار، حيث تسفر الحفريات الحديثة عن اكتشافات مهمة تسلط الضوء على حياة سكان المملكة وتجارتهم مع دول الجوار.
ويؤكد الدكتور أحمد الحسن، عالم آثار سوداني، أن كل اكتشاف جديد في مروي يعيد تشكيل فهمنا لتاريخ إفريقيا القديم، ويبرز أهمية المملكة في شبكات التجارة والثقافة في ذلك الوقت. ومن خلال المزيد من الحفريات والبحث، يتوقع أن تكشف مروي عن مزيد من الأسرار التي ستعمق فهمنا لهذه الحضارة المميزة.