“زي النهاردة”.. 3 علماء يفوزون بجائزة نوبل للطب بعد اكتشاف فيروس “القاتل الغامض”
أميرة جادو
في مثل هذا اليوم، 5 أكتوبر من عام 2020، حاز ثلاثة علماء في مجال الفيروسات على جائزة نوبل للطب، تقديراً لاكتشافهم المسبب الرئيسي لمرض التهاب الكبد الفيروسي سي. العلماء هم البريطاني مايكل هوتون، والأمريكيان هارفي ألتر وتشارلز رايس. الملفت في هذه الجائزة أنها لم تمنح لاكتشاف علاج مباشر، بل لإسهامهم في تحديد المسبب الرئيسي لهذا المرض الفتاك، الذي شكّل تحديًا صحيًا عالميًا لفترة طويلة نظرًا لتأثيره المدمر على صحة الكبد.
القاتل الصامت
أحدث اكتشاف المسبب لفيروس سي نقلة نوعية في مجال الطب، حيث تميز هذا الفيروس بحجمه الصغير جدًا الذي يبلغ حوالي 60 نانومتر. وقدرته على البقاء في الجسم لعقود دون ظهور أعراض واضحة، إذ يبقى صامتًا لمدة تتراوح بين 20 إلى 30 سنة، قبل أن يبدأ في تدمير الكبد تدريجيًا. ونتيجة لهذا التأخر في اكتشافه، يمكن أن يتطور المرض إلى مراحل أشد خطورة، مثل تليف الكبد أو سرطان الكبد، ليتم اكتشافه غالبًا بعد فوات الأوان.
علماء خلف الإنجاز العظيم
خلال ستينات القرن الماضي، لاحظ العالمان الأمريكيان هارفي ألتر وتشارلز رايس أن المرضى الذين تماثلوا للشفاء من فيروسي الكبد A وB، لم يتعافوا بشكل كامل، مما دفعهم للاعتقاد بوجود فيروس آخر غير مكتشف حينها، وهو فيروس سي. تأكدا من هذا الاكتشاف لاحقًا، ليأتي دور العالم البريطاني مايكل هوتون الذي نجح في عزل الحامض النووي الريبي (RNA) للفيروس، وتحديد الأجسام المضادة المرتبطة به، مما أكد أن هذا الفيروس هو المسبب لالتهاب الكبد الفيروسي سي.
رحلة اكتشاف “القاتل الغامض”
بدأت قصة اكتشاف فيروس سي في عام 1972، عندما اكتشف هارفي ألتر خلال دراساته في المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة، أن هناك نوعًا غامضًا من العدوى يصيب الكبد بعد عمليات نقل الدم. ظل هذا النوع غير معروف لعدة سنوات، إلى أن تم تصنيفه كفيروس جديد يحمل اسم “لا A ولا B”. ثم، في عام 1989، تمكن مايكل هوتون من عزل الشفرة الجينية للفيروس والإعلان عن اكتشاف نوع جديد من الفيروسات يعرف باسم “التهاب الكبد سي”.
أما تشارلز رايس، فقد أضاف اللمسة الأخيرة في هذه الأبحاث عام 1997، عندما قام بحقن فيروس التهاب الكبد سي في كبد قرد الشمبانزي، ليظهر أن هذا الفيروس يمكن أن يسبب التهاب الكبد، مما أثبت بشكل قاطع علاقته بالمرض.
الإنجاز العلمي وأثره على العالم
والجدير بالذكر أن نتائج هذا الاكتشاف كانت مبهرة، حيث كان فيروس سي سببًا رئيسيًا في إصابة حوالي 385 مليون شخص حول العالم، ومسؤولًا عن وفاة أكثر من مليون شخص سنويًا. كما أدى هذا الاكتشاف إلى تطوير اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR)، الذي أصبح أداة رئيسية لتأكيد وجود الفيروس، مما سهل في النهاية تطوير علاجات فعّالة للقضاء عليه، وأبرزها كان بواسطة العالم ريموند شينازى، الذي أسهم بتقديم علاج ناجح للفيروس، مسجلًا إنجازًا جديدًا في مكافحة هذا المرض القاتل.