الشرارات.. “درّة القبائل” يمتاز أفرادها بالأخلاق الحميدة والشجاعة والكرم والنسب الشريف
حاتم عبدالهادى السيد
الشرارات هى قبيلة عربية قحطانية من بنى كلب القضاعية، وهو كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عِمران بن الحافي، وقبيلة الشرارات ذات أخلاق حميدة من شجاعة وكرم ، كريمة النسب عظيمة الشأن قديماً وحديثاً .
وقد اشتهرت قبيلة الشرارات “بحدة ذكاء أفرادها، وقوة نباهتهم، وأنهم من ذوي الفطنة النادرة، والنكتة العجيبة بديهياً دون تكلف، وهم الرجال في قولهم وفعلهم”.
وتسكن قبيلة الشرارات وادى السرحان، ووادى النعيم، ولقد اشتهرت بنجابة إبلها، فكانت تمتلك أرفع أنواع الهجن في الجزيرة العربية وأسرعها ، وقد امتدح المؤرخ النجدي محمد البسام قبيلة الشرارات بقوله : الشرارات “هم زبدة أولي الطنب، والحمات الصاحب بالجنب، يسعد المستعين بهم ويشقى المستهين بهم، آثارهم معروفة، وطرايقهم مألوفة، أقدم من السهام، وأندى من الغمام ، وفضلهم لا ينكر، ومنعمهم لا يكفر، سقمانهم ثلاثة آلاف وخيلهم خمسمائة “.
وقال في موضع آخر: “الشرارات ذوو التفريج للكربات، أطول الناس باعاً، وأكرمهم طباعاً، وأوفاهم عهوداً، وأنجزهم وعوداً، وأرفعهم عماداً، وأوراهم زناداً، سادوا باليمانيات ، وشادوا بيوت المكرمات ، وطُبعوا على المكارم واحتمال المقارع، أولئك خير أقرانهم ، وعين زمانهم، عددهم ألف ألف راجل، كلهم تغلى المراجل ، وألف فارس لم يصادفهم في الحقيقة عظيم فارس”.
وقال عنهم التنوخي الذي التقى بهم خلال زيارته للمنطقة سنة 1332هـ/1913م: (قبيلة مجيدة، امتازوا بالكرم على فقرهم، فالشراري إذا ضافه ضيف ولم يجد ما يُقريه به غير ناقته الوحيدة – التي يعيش عليها هو وأولاده – فإنه يذبحها إكراماً لضيفه ولا يُبالي، وقد عرف الشراري في البادية بأنه سريع النجدة، منيع الحمى، شجاع يُقتل دون أن ينهب الغازون ناقته، كما أنه عُرف بحدة لسانه، وسرعة جوابه، وقوة شاعريته البدوية، وبكونه أهدى بطرق جزيرة العرب ومسالكها).
وحين قيام الدولة الإسلامية الأولى برز منهم صحابة أجلاء كان لهم شرف السبق إلى الإسلام ومصاحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كالقائد أسامة بن زيد وزيد بن حارثة الكلبى الذى استشهد بمعركة مؤتة ودحية بن خليفة الكلبى الذى كان جبريل عليه السلام ينزل بصورته عند نزول الوحى على الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو موفد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قيصر الروم، وكان الخلفاء من بنى أمية القرشيين يرغبون فى مصاهرتهم والتقرب إليهم.. وتزامن اضمحلال قوة كلب مع قيام الدولة العباسية التى أجهزت على مُلك الأمويين فكان لذلك انعكاساته على هذه القبيلة وهجرة الكثير منها إلى مصر وبلاد المغرب .
4 بطون
تنقسم قبيلة الشرارات إلى أربعة بطون رئيسة، وكل بطن من بطون قبيلة الشرارات لها شيخ ترجع إليه، لذلك ترتكز قبيلة الشرارات على أربعة شيوخ رئيسيين وهم :
– الضباعين: بن جريد .
– الحلسة: بن دعيجا، ابن سيف .
– الفليحان : اللحاوى ، ابن دويرج .
– العزام : الخيال ، ابن وردة
وبطون قبيلة الشرارات الأربعة تنقسم كالتالى :
1- العزام : وتنقسم إلى ثلاثة أفخاذ :
أ- الماضى : وتنحصر مشيختهم بعشيرة ( الوردة ) .
ب – المسند : وتنحصر مشيختهم بعشيرة ( الخيال ) ، وإليه مشيخة العزام .
ج ـ الحمود.
2- الضباعين : وتنقسم إلى خمسة أفخاذ :
أ ـ الخميس وأحدهم (خميسى) .
ب ـ العيد (عيدى) .
ج ـ العويمرة (عويمرى) .
د ـ القرية (قرياوى) .
هـ ـ القواد (قائد) .
وتنحصر مشيخة الضباعين بعشيرة (الجريّد ) فخذ الخميس .
3- الفليحان : وتنقسم إلى فخذين رئيسين
أ ـ الجوابرة: وأحدهم (جابرى) ، وتنحصر مشيختهم بعشيرة (اللحاوى) ، وإليه مشيخة الفليحان .
ب ـ السليم : وأحدهم (سليمى) ، وتنحصر مشيختهم بعشيرة الدويرج.
4 ـ الحلسة :
أ ـ الصبحى : ومنهم عشيرة الدعاجين .
(بن دعيجا) وإليه مشيخة الحلسة .
ب ـ الصبيحات (صبحى) وشيخهم ابن سيف وهو من أشهر قضاة الشرارات (مقطع الدم) ، وهم أقدم مشيخة فى الحليسات.
ج ـ الرشيد : وجمعهم رشايدة ، ومشيختهم بعشيرة (المداهين) .
د ـ الدباوين (دبيوانى).
هـ ـ القوينات (قوينى) .
و ـ العمرو (عمرى) .
ص ـ الدفاف (دفافى) .
ولعمري فإن الشواهد التاريخية التي مازالت إلى الآن تربط قبيلة ” الشرارات ” بقبيلة كلب، لكثيرة ، فعلى سبيل المثال لا الحصر أذكر التالى :
1- نخوة الشرارات :
تحديد النخوة فى عرف البادية هى الكلمة أو الجملة التى تستثار بها حمية الفرد أو القبيلة فى أيام الحرب أو ما يسمونه (الموزمات) أو عند التجارة أو فى لقاء العدو، يرتفع الصوت فى النخوة أو عندما يضام رجل أو جماعة، والعجيب أنه عند سماع النخوة يتناسى المتخاصمون خصوماتهم لمواجهة ما يظن أنه يمس شرف القبيلة أو حقوقها، فتهب القبيلة كأنها شخص قام ليدافع عن كرامته.. ومن هذه النخوات ما يلى :
أ بنى مكلب ياهلى .
ب الشرارات ياربعى .
وكانت لهذه النخوة قيمة لا تعادلها قيمة قبل أن يسود الإسلام فى الجزيرة العربية، إذ كان الغزو عنصراً أساسياً فى حياة القبائل وهو مورد من موارد الرزق عندما تنهب الإبل أو غيرها ويسمون ذلك النهب كسباً ومنهم من يسميه الفود وهو ما يكسبه الغزاة وفى مأثوراتهم :
أ- النخاوى عند اللهاوى .
ب- ما يلقح الحول غير الفحول ، والحول هى المواشى التى مر عليها سنة ولم تلقح ولم تلد والمقصود بالحول النياق .
ت- وفى أقوالهم المأثورة ما يجمع الشمل غير الصيحة، والصيحة فى الأصل هى بنو كلب تجمع الشرارات فى كل أمر جلل ونخوة الشرارات قديمة عند بنى كلب ومازال الشرارات على العهد بها ، قال الراعى :
فلما لحقنا والجياد عشية دعوا بنى كلب واعتزينا لعامر
3- الموطن الجغرافى :
موطن قبيلة كلب هو الموطن الأصلي لقبيلة الشرارات ولا يزال إلى هذا اليوم. قال الأخنس بن شهاب التغلبي :
وكلب لها خبت فرملة عالج
إلى الحرة الرجلاء حيث تحارب
وقال البكري فيما نقل عن ابن الكلبي في افتراق القبائل قبل الإسلام ( إن قبيلة كلب ومن حالفهم نزلت بخبت دومة إلى ناحية بلاد طيء من الجبلين وحيزهما إلى تيماء) .
ومراتع الشرارات تمتد من معان حتى تيماء ودومة الجندل (الجوف) الى أطراف السماوى .
فروع من الشرارات لا تزال على اسمها القديم منذ كلب :
1- القوينات :
أحدهم قويني وقوين تصغير لكلمة قين وبنو القين إحدى بطون الأسبع من كلب بن وبرة .
2- العويمرات:
أحدهم عويمري فخذ كبير من الضباعين وهم العميرات فرع من كلب حيث صغرت إلى العويمرات .
3- الضباعين: أحدهم ضبعاني والضباعين إحدى فروع الشرارات الأربع وضبع بطن من كلب وفي الاشتقاق لابن دريد “(ضبع) بطن من الأسبع من كلب بن وبرة من قضاعة”.
4- الجوابرة:
أحدهم جابري وهم بنو جابر بن كعب بن جناب من رفيدة من كلب، والجوابرة هم القسم الثاني من الفليحان وتنحصر مشيختهم بعشيرة اللحاوي .. وإليه مشيخة قبيلة الشرارات .
ومنهم أقوام بالأردن وفلسطين ذكرهم مصطفى الدباغ في كتابه ( القبائل العربية وسلائلها في بلادنا فلسطين ص49 ).
5- المدينة :
فرع من الفليحان ، وهم بنو المدينة من عذرة كلب وينتشرون في وادي القرى”العلا “.
6- الدباوين :
إحدى بطون الحلسة من المعتقد أنهم يرجعون إلى ( دب ) وهو بطن عريق من الأسبع من كلب بن وبرة .
7- الصبحى: وهو اليوم فخذ من الحلسة من الشرارات ويقال لهم: الصبح فى قبيلة كلب .
8- الصبيحات : مفردهم صبحى ، وهم فخذ من الحلسة وهم بطن من بطون كلب بن وبرة .
9- العوران : من الجوابرة من كلب بن وبرة .
10- الخليفات: فرع من بطون الشرارات من كلب بن وبرة .
11- النعيم: فرع من الحلسة من الشرارات وهم من كلب بن وبرة .
مواطن القبيلة القديمة
استوطنت القبيلة وادى السرحان كاسم من أسماء هذا الوادى، ويرجعون ذلك إلى كثرة الذئاب التي ترد مياهه القريبة، وقد يكون ذلك سبباً في تكاثرها في هذا الوادي، ومعروف أن كنايته عند عامة البادية هو: (موالغ الذيابة) أي منهل الذئاب التي تحصل على مياهه دون عناء.
وقد ذكرته بعض الأطالس هكذا: (وادي سرحان) إلا أنه لم يوجد في المراجع التاريخية ما يشير إلى هذا الاسم، غير أن ما جاء بقصيدة لعدي بن الرقاع وهو من عاملة كلب أوجدت ترجيحاً آخر بحقيقة هذا الاسم حين جاء على ذكر (وادي الذئاب) ضمن وقوفه على بعض من المواقع المحاذية لوادي السرحان من ديار كلب، ومن تلك شابك ، المعيين ، شهيب .
وادي النعيم :
من المعروف أن هذا الوادي قبل قرنين من الزمان كان يحمل اسم (وادي النعيم) وذلك ثابت لدى قبيلة الشرارات ومعمريهم .
وفى النهاية : نحن أمام قبيلة قديمة جداً وعريقة، وتمتد أماكنها، وتتسع نتيجة للهجرات العربية، فهم متواجدون في المملكة السعودية وفى بلاد الشام، وفى الأردن، وفى فلسطين، وفى مصر، وفى بادية سيناء، وتنتسب قبيلة العزازمة بسيناء إليهم؛ أى تمتد بنسبهم إليهم في القدم التاريخى كما قالى لى كبارهم هناك .
ستظل الشرارات قبيلة الرجال، فمن يسكن وادى الذئاب لابد أن يكون قوياً وشجاعاً، وهم الفرسان، والشعراء كذلك .