قبائل و عائلات

عشيرة شمر: من عبق التاريخ إلى صدارة الحاضر

عشيرة شمر، التي تُعتبر الثانية بعد عنزة من حيث العدد ووفرة الفروع، تنتشر حاليًا في الجزيرة العربية والأردن وسوريا والعراق، حيث يُقدر أن أكثر من ثلثي أفرادها يعيشون في بلاد الرافدين. حافظت شمر على تقاليدها القبلية، حيث يستمر أفرادها في تربية الإبل والغنم في باديتي الشام والعراق المتلاصقتين، ويتنقلون يوميًا بين البلدين بحثًا عن الرعي وزيارة الأقارب. على الرغم من أنهم يعيشون في المناطق الحدودية، فإنهم لا يعترفون بالحدود بين سوريا والعراق، إذ يعبرون من وإلى أي من البلدين حسب الحاجة.

تاريخ عشيرة شمر

تعد شمر من قبائل قحطان، وهي اتحاد عشائري يضم العديد من العشائر، ولكن غالبيتها تنحدر من قبيلة طيء التي سكنت نجد بين جبلي أجا وسلمى. كانت شمر آخر القبائل القحطانية التي خرجت من اليمن، وعندما استقرت في نجد، تحالفت مع طيء وزبيد، لكن الصراعات نشبت بينها وانتصرت شمر، فأصبح اسمها معروفًا.

هاجرت شمر من شبه الجزيرة العربية على دفعتين، الأولى في أوائل القرن الحادي عشر الميلادي خلال حكم المماليك على العراق، حيث استقر أبناؤها في المدن والحواضر العراقية وعُرفوا بالعشائر المتحضرة الريفية مثل عشائر الصايح وزويع وسبنس. جاءت الهجرة الثانية متزامنة مع هجرة قبيلة عنزة. ويرجع بعض المؤرخين سبب الهجرة إلى ضغوط اقتصادية وسياسية، حيث رفضت شمر الخضوع للحركة الوهابية في المملكة العربية السعودية، وانحازت إلى شريف مكة وقاتلت الوهابيين، مما دفعهم إلى الانتقال إلى العراق.

استقرت شمر جربة في مناطق الوديان داخل العراق، وعندما شنت الدولة السعودية غارات على أطراف العراق، انضمت شمر إلى القبائل العراقية لمحاربة السعودية. ومع تدفق عشائر عنزة والقدعان والاسبعة والعمارات إلى العراق هربًا من آل سعود، اضطرت شمر لعبور الفرات والتفرق في الجزيرة الفراتية وبادية الشام.

في منتصف القرن التاسع عشر، برزت شمر كقوة عسكرية، حيث استعانت بها الدولة العثمانية في حرب العجم، وأبلى أفرادها بلاءً حسنًا حتى وصف رئيسهم سلطان البر. ومع ذلك، نشبت صراعات بين شمر والعثمانيين، وحدثت معركتان كبيرتان مع عشيرة الرولة من عنزة، انتصرت شمر في الأولى وخسرت الثانية.

خلال الحرب العالمية الأولى، وقفت شمر إلى جانب العثمانيين ضد البريطانيين، لكن الانقسامات بدأت تتفشى بين أفرادها. أسفرت هذه الانقسامات عن تدهور وضع العشيرة، حيث استغل الفرنسيون والبريطانيون الخلافات الداخلية. تولى عجيل الياور المشيخة في العراق، وكان أحد أبرز رؤساء البادية العراقية.

تتوزع عشائر شمر اليوم إلى:

1. شمر الجبل، نسبة إلى جبلي أجا وسلمى في نجد.
2. شمر جربة، نسبة إلى أمهم التي أصيبت بالجرب.
3. شمر طوقة، التي تتفرع إلى عشائر عدة منها عشيرة بيت بردى، المردان، الخوالد، طليحة، المناصير، الشهيلات، المجايلة، والخرصة التي تُعد من أشهر قبائل شمر وتنتشر بين العراق وسوريا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى