يوحنا الدمشقي: عبقرية لاهوتية تألقت من دمشق إلى أرجاء العالم
وُلد يوحنا الدمشقي في دمشق بسوريا لعائلة مسيحية عربية ذات نفوذ كبير، سواء في الجاهلية أو في ظل الدولة الأموية. عاش يوحنا في دمشق وتولى منصب رئيس الديوان والإدارة المالية في الدولة الأموية، مما أتاح له مكانة مرموقة وتأثيرًا واسعًا.
من هو يوحنا الدمشقي:
ولكن، على الرغم من مكانته في الديوان، قرر يوحنا أن يترك الدنيا ويبحث عن حياة أعمق في الروحانية، فاعتزل في دير مار سابا بفلسطين وتبنّى حياة الرهبنة، حيث استطاع في وقت قصير أن يصبح واحدًا من أبرز آباء الكنيسة ومعلميها. اشتهر يوحنا الدمشقي بفضل سلسلة من الرسائل التي كتبها، والتي أكسبته شهرة واسعة كأعظم منظّم للعقائد المسيحية، حتى اعتُبر آخر آباء الكنيسة في الشرق.
كان يوحنا الدمشقي كاتبًا غزير الإنتاج، حيث ألّف في مجالات اللاهوت والفلسفة والتاريخ، وأبدع في الشعر والألحان الدينية. ومن أبرز إسهاماته كتاب “ينبوع المعرفة” الذي أسهم في تمهيد الطريق لنشأة تعليم الفلسفة واللاهوت في أوروبا. كما ألّف كتابًا يعارض محطمي الأيقونات وكتب في تفسير الكتاب المقدس وسير القديسين.
رغم إتقانه للغة العربية، كتب يوحنا الدمشقي جميع أعماله باللغة اليونانية التي كانت اللغة الرائجة في ذلك العصر، ساعيًا بذلك للوصول إلى جمهور أوسع من قراء العالم القديم. بفضل تأثيره الواسع وعقليته الفذة، استمر يوحنا الدمشقي في إلهام الأجيال وتوجيه الفكر الديني والفلسفي، ليظل اسمه لامعًا في تاريخ الفكر المسيحي.