مغامرات ابن سعيد المغربي: من غرناطة إلى بغداد
ولد المؤرخ والشاعر والرحالة الأندلسي ابن سعيد في غرناطة في أسرة عريقة الحسب والنسب، ذات صلة بالملوك. نشأ في كنف والده الذي كان أديبًا ومؤلفًا، وقد كرس حياته لإتمام كتاب “المغرب في حلى المغرب” الذي بدأه جده. بعد وفاة والده، أخذ ابن سعيد على عاتقه إكمال هذا العمل الجليل.
مغامرات ابن سعيد المغربي
بدأ ابن سعيد حياته المهنية في خدمة وزير الموحدين ابن جامع، بينما كان ابن عمه يعمل أيضًا للموحدين، مما أثار بينهما خلافات. خشي ابن سعيد عواقب هذه الفرقة فطلب الإذن بالرحيل إلى المشرق بحجة أداء فريضة الحج. وصل إلى الإسكندرية بمصر في عام 1241 م، حيث كان والده قد سبقه وأقام فيها. ومع تأخره عن موعد الحج، اتجه إلى القاهرة والتقى بأيدمر التركي والبهاء زهير وابن يغمور.
ترك لنا ابن سعيد وصفًا ثمينًا لمصر والفسطاط، حيث وصف شوارعها وأزقتها وحياة سكانها، مشيرًا إلى الأحياء المخصصة للهو والطرب وكيف كان الناس يرقصون في الأسواق ويتعاطون الحشيش.
في تلك الفترة، وصل إلى مصر كمال الدين بن العديم رسولًا من الملك الناصر صاحب حلب، فتعرّف إليه ابن سعيد. وبعدما علم ابن العديم بغاية ابن سعيد من رحلته، وعده بالمساعدة، قائلاً: “نعينك بما عندنا من الخزائن ونوصلك إلى ما ليس عندنا كخزائن الموصل وبغداد”.
انتقل ابن سعيد إلى حلب حيث أكرمه الملك الناصر وعرّفه على العديد من العلماء والأدباء. ثم توجه إلى دمشق ودخل مجلس السلطان المعظم، قبل أن ينتقل إلى الموصل فبغداد فالبصرة، وأدى فريضة الحج وعاد إلى المغرب، حيث استقر في تونس وخدم أبا عبد الله المستنصر.
عاد ابن سعيد مرة أخرى إلى المشرق، وحين دخل الإسكندرية سأل عن الملك الناصر فأُخبر بما جرى له من مقتل على يد التتار. واطلع على أخبار هجوم هولاكو على حلب وما خلفه من دمار وتخريب.
ترك ابن سعيد العديد من المؤلفات القيمة، منها: “عنوان المرقصات والمطربات” في الشعر والأدب، “الطالع السعيد في تاريخ بني سعيد”، “المغرب في حلى المغرب”، “المشرق في حلى المشرق”، وأخيرًا “المستنجز وعقله المستوفز”.