حكاية غلق المقاهي بسبب جواسيس محمد على باشا
أميرة جادو
ارتبط المصريين بشكل كبير مع المقاهي المنتشرة في شوارع وميادين المحروسة، حيث يجتمعون يرون العديد من القصص والحكاوي، التي يستلهمونها من جلساتها المتعددة، وتختلف ثقافتهم باختلاف زوراها، فهي ذات طابع مختلف وتاريخ خاص، حيث تشهد على أحداث سياسية وثقافية واجتماعية مهمة في تاريخ البلد، وبخاصة في التاريخ الحديث، ومنذ انتشارها خلال القرن الثامن عشر، أصبحت جزءًا ومكانًا شبه مألوف لدى المصريون وكأنها بيتهم الثاني.
والمقاهي أو كما يطلق عليها “القهاوي” بالعامية المصرية، هي أماكن مخصصة لشرب القهوة. وفي اللغة اللاتينية أطلق عليها “كافيه” للدلالة على المكان الذي تشرب فيه المشروبات، مثل الزنجبيل والقرفة والينسون. فيما كان الشاي، واعتبرت المقاهي خلال سنوات مآوى الكثيرين ومصدر الترفيه في حياتهم. ولكن لطالما كانت المقاهي في القاهرة ملاذًا للمعارضين السياسيين والثورات الفكرية. حتى تم ارسال الجواسيس للمقاهي لمراقبة المناقشات المختلفة التي تجري في الحياة العامة للرعية، في عهد محمد علي باشا.
غلق المقاهي في عهد محمد علي
وبحسب ما ذكره المستشرق السويدي دوهسون، أن حادثة غلق المقاهي، خلال حكم محمد على باشا، ترجع إلى أسباب سياسية، ففي عهد السلطان مراد الرابع العثماني، كانت المقاهي مكان لاجتماع الجنود “المتمردين”، منوهًا بأن حكومة محمد علي، في مصر، خلال القرن التاسع عشر، كانت منزعجة وقلقة بشدة من أحاديث التمرد والعصيان التي تتم في مقاهي القاهرة، فاستأجرت “جواسيس” للتصنت على الأحاديث التي تدور في المقاهي.
والجدير بالذكر، أنه بالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة على مر التاريخ للقضاء على المقاهي في القاهرة. إلا أنها استمرت في الوجود كمركز ومنتدى للحركات الثقافية والفنية والاجتماعية والسياسية. إلى جانب مجموعة متنوعة من الأنشطة والفعاليات تبعا للسياقات المختلفة، فكانت تستخدم كأماكن لأداء الموسيقى والرقص والمسرح وأعمال الأدب والفنون التي ولدت داخلها، بالإضافة إلى الاحتفالات الدينية مثل الموالد، واعتبرت هذه الفنون المصرية قي مجموعها جزء من التراث الشعبي المنقول.