مرأه بدوية

نائلة بنت الفرافصة: بطلة الأزمات التي لا تُنسى

عندما اشتدت المحنة على الخليفة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وأُحكم عليه الحصار، وقفت نائلة بنت الفرافصة بجانبه بكل شجاعة، تتلقى ضربات السيوف قبل أن تصل إليه. وعندما ألقى الرجال بحبالهم على أسوار منزله واقتحموه، بادرت نائلة بنشر شعرها كدرع حماية، فنهرها عثمان قائلاً: “خذي خمارك فإن حرمة شعرك أعظم عندي من دخولهم علي.”

من هي نائلة بنت الفرافصة

عندما هجم أحدهم بسيفه عليه، تلقت نائلة الضربة بيدها، مما أدى إلى قطع أناملها، فصرخت منادية رباح غلام عثمان الذي أسرع وقتل المعتدي. ولكن لم تكن هذه النهاية، إذ تمكن رجل آخر من قطع أصابع يدها الأخرى بينما كان يدخل السيف في بطن عثمان ليقتله. ولم يتوقف الأمر هنا، حيث هجموا على رأس عثمان وحزوه رغم محاولة نائلة حماية جثمانه، فصاحت بألم: “إن أمير المؤمنين قد قُتل.”

دخل أحد الرجال عقب مقتل عثمان وطلب منها كشف وجهه ليلطمه، ولكنها ذكّرته بفضائل عثمان التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهجم الرجل على جثمان عثمان ولطمه. دعت نائلة عليه قائلة: “يبس الله يدك وأعمى بصرك”، فاستجاب الله دعاءها في الحال.

تركت جثة عثمان دون أن يجرؤ أحد على تجهيزها ودفنها، فاستعانت نائلة بحويطب بن عبد العزى وجبير بن مطعم وأبي جهم بن حذيفة وحكيم بن حزام لتجهيزه، فقرروا إخراجه لدفنه ليلاً. وحين حل الظلام، قادتهم نائلة بسراج حتى تم دفنه بعد أن صلى عليه جبير بن مطعم وجماعة من المسلمين.

رثت نائلة عثمان بقولها: “ومالى لا أبكي وأبكي قرابتي وقد ذهبتْ عنا فضول أبي عمرو.” وبعد دفن عثمان، خطبت في المسلمين قائلة: “معاشر المؤمنين وأهل الله، لا تستكثروا مقامي ولا كلامي، فإني حزينة أُصبت بعظيم وتذوقت ثكلا من عثمان بن عفان.”

لم تتوقف نائلة عند هذا الحد، بل أرسلت إلى معاوية بن أبي سفيان بكتاب مرفق معه قميص عثمان الممزق والمليء بالدماء، وخصلة من شعر لحيته، وخمسة أصابع من أصابعها المقطوعة، وأوصت أن تُعلق كل هذه الأدلة في المسجد الجامع في دمشق، وأن يُقرأ الكتاب على المجتمعين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى