كتابنا

ميثولوجيا سيناء

كتاب جديد لمسعد بدر

 

كتب : حاتم عبدالهادي السيد

يعد كتاب ” مثيولوجيا سيناء” للمؤلف السيناوي، مسعد بدر واحداً من أهم الكتب التي صدرت في هذا المجال، بل هو أول كتاب يتناول الأسطورة السيناوية بالشرح والتفصيل، لذا فهو أول كتاب في مجاله، ولم يسبق أحد أن تناول الأسطورة في سيناء ، وأفرد لها كتاباً منفصلاً . وقد جاء هذا العملُ في صورته النهائية في مُقدّمة، وخمسة فصول، وملحق للنصوص عامة، ثم تتبع المؤلف آراء الباحثين في تصنيف أنواع الأسطورة، وتحديد سماتها، وعلاقتها بالإنسان القديم، والمعاصِر. ويمثل هذا مدخلاً ضروريًا لمجموع الدراسة، لعله يساعد غير المتخصص في فهم ما يرمي إليه الكاتب .

في الفصل الأول؛ نراه قد تحدث فيه عن نشأة الأسطورة بصفة عامة، وتعريفها، ثم تتبع الباحثين في تصنيف أنواعها، وتحديد سماتها، وعلاقتها بالإنسان القديم، والمعاصِر.

وفي الفصل الثاني : يعرض / مسعد بدر الفرق بين الأسطورة والخرافة، كما تحدث عن سبب ضياع الكثير من أساطير سيناء. وبعد ذلك رأيناه منا يقول : ” بدأنا نسجل ما عثرنا عليه من أساطير، كُلا تحت النوع المناسب له؛ فمنها أساطير الخلق، وأساطير التعليل، وأساطير الطقوس، … وهذا الفصل الثاني كان لنا فيه هدفان:

1- إثبات كل ما عثرنا عليه من أساطير سيناء؛ ليكون مَسردًا مرتبا وفق تصنيفات الدارسين المشار إليها في الفصل الأول.

2- تفسير ما نراه يحتاج إلى بيان وتوضيح، وقد نستعين في ذلك بأساطير مشابهة، من بيئات أخرى.

وفي الفصل الثالث حاول الكاتب أن يبحث عن كيفية انعكاس الأسطورة السيناوية على لونَين من ألوان الأدب في تراث سيناء، هما الشعر والحكاية. ولقد دلل علي ذلك بشواهد من الشعر. وقدم قراءة لإحدى الحكايات التي وردت فيها أسطورة، أو أساطير. أما الحكايات نفسها؛ فقد جعل لها مُلحقا خاصا في آخر الكتاب.

أما الفصل الرابع؛ فقد حاول فيه أن يربط بين أساطير سيناء وغيرها من أساطيرَ وثقافات عربية أو عالمية؛ بهدف التفسير أحيانا، أو بهدف إظهار سمة من سمات بيئة سيناء من خلال مقارنة إنتاجها الأسطوري بإنتاج بيئات أخرى، أو لمجرد إثبات أن الأساطير تتشابه في العالم كله.

وجاء الفصل الخامس : وهو فصل تطبيقي، حاول فيه أن يناقش قضية من قضايا سيناء هي قضية: (الرحيل). والرحيل سمة يتسم بها السواد الأعظم من مناطق سيناء، فحاولنا مناقشتها من خلال دَلالة بعض الأساطير، واجتهد أن يجد لهذه السمة تفسيرا أسطوريًّا يتفق مع طبيعة هذه الدراسة. ثم ختم هذا الفصل بالربط بين مدلول بعض الأساطير وبين بعض الآثار الأدبية السيناوية، وقد اختار مواقف من رواية سيناء للسيرة الهلالية؛ لتحقيق هذا الربط..

. ولقد خُتم المؤلف كتابه بست حكايات ورَدَت فيها بعض الأساطير . ولنا ان نورد بعض هذه الأساطير التي تتردد على ألسنة كثير من بدو سيناء :

رغيف الخبز وشجرة السدر

يقولون: إن امرأة كانت تخبز، واحتاجت أن تمسح مؤخرة طفلها؛ لتنظفها؛ فخشيت أن يحترق الخبز إن هي قامت تبحث عن خرقة، فمسحت مؤخرة الطفل برغيف خبز؛ فكان عِقابها أن تُعلّق برموشها، أو بشعرها في شجرة سِدر على سطح القمر؛ ليراها كل الناس، وتكون عِبرة.

النعجة وبنت النبيّ

لا يعلم الكثيرون سبب وجود إلية للنعجة ، تستر عورتها، ورأوا عورة العنز ظاهرة، وهو أمر يبعث على الحَيرة، ويتطلب تفسيرا ،جاء أسطوريا.

فقد حكوا أن بنت النبي (لم يحددوا اسمه) أوردت على البئر نعاجا ومَعْزا، وأرادت أن تستتر بين المعز؛ لتقضي حاجتها، فنفرت منها ولم تسترها؛ فدعت عليها بالفضيحة، فنبت لها ذيلٌ قائم إلى أعلى لا يستر عورة. وذهبت تستتر بين النعاج فسترتها؛ فدعت لها بالستر، فنبتت لها هذه الإلية التي تغطي (حياها).

النبي سليمان والدجاجة والدويري

تقول بعض الروايات إن النبي سليمان أمر الدجاجة أن تلزم مكانها ولا تطير، وقد كانت تطير من قبل، وأمر عصفورا يسمونه: (الدُّويري) – وهو طائر (الدَّوْرِي) – الأمر نفسه، وقد كان هذا يمشي على قدميه مِشيةً طبيعية من قبل؛ فعصيا أمر النبي، فدعا على الدجاجة ألا تطير، وعلى (الدويري) دعا: “وأنت مُقيّد إلى يوم الدين”، فظل سيره قفزا.

المرأة والدخان السحريّ

طقوس العلاج كثيرة جدا، ومتداخلة، وتختلف في بيئة عن أخرى داخل سيناء نفسها، لكنه اختلاف التنوع، لا التناقض. فمن هذه الطقوس: (الدخُون)، والغاية منه تحديد سبب المرض الذي أصاب الشاكي. وصورته تتلخص في امرأة تجلس أمام النار، ثم تعمد إلى حُبيبات من مادة يسمّونها (الشَّبَّة)، تضعها في النار؛ فيتصاعد منها الدخان، وهي تردد: “يا دَخَون يا مذكور، امشِ البلاد عرض وطول، زي المراكب في البحور. ملح ومُرّ في عيون اللي يضر، ملح وكبريت في عيون العفريت. أربع جمال محملات غلّة، كل حبة تقول الله. تقلّب وتصلّب [تأمر الشبة أن تتقلب على النار ثم تتخذ شكلا صلبا تفسّر من خلاله سبب المرض]. أشهد أن لا إله إلا الله، سيدنا محمد يا رسول الله. اشبيبة السلامة، اشبيبة اللى مر ولا ذَكَر. فكّ الجمال من العقال، وفك الليل من النهار”. ثم تستخرج الحبيبات من النار وتصب عليهن الماء في إناء، وتحدد سبب المرض وَفق ما تشكّلت عليه .

إنه كتاب يحوي الكثير من الموضوعات، عن طبيعة التفكير والمعتقدات التي يتناولها أيناء سيناء، عبر حياتهم، وثقافتهم، ومخيالهم الشعبي، وخرافتهم التي تعبر بالمثيولوجيا إلى آفاق أكثر براحاًن عبر العالم والمجتمع والحياة .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى