تاريخ ومزارات

غزوة ذي أمر: عندما حمى الله نبيه بمعجزة سماوية

غزوة ذي أمر، إحدى معارك النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وقعت في محرم من السنة الثالثة للهجرة، حيث قاد الرسول المسلمين إلى نجد لمواجهة قبيلة غطفان. واستعمل على المدينة عثمان بن عفان، وغاب عن المدينة صفراً بأكمله دون أن يواجه حرباً.

تاريخ غزوة ذي أمر

ورد في كتاب “البداية والنهاية” لابن كثير عن معركة ذي أمر:

“قال ابن إسحاق: فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة السويق، أقام بالمدينة بقية ذي الحجة أو قريباً منها. ثم غزا نجدًا يريد غطفان وهي: غزوة ذي أمر. كما قال ابن هشام: واستعمل على المدينة عثمان بن عفان. قال ابن إسحاق: فأقام بنجد صفراً كله أو قريباً من ذلك، ثم رجع ولم يلق كيداً. وقال الواقدي: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعاً من غطفان من بني ثعلبة بن محارب تجمعوا بذي أمر يريدون حربه، فخرج إليهم من المدينة يوم الخميس لثنتي عشرة خلت من ربيع الأول سنة ثلاث.”

خرج النبي صلى الله عليه وسلم بأربعمائة وخمسين رجلاً وهربت الأعراب إلى رؤوس الجبال. كما عسكر النبي عند ماء يقال له ذو أمر. وأصابهم مطر كثير فابتلت ثياب الرسول، فنزل تحت شجرة وجفف ثيابه. وكان ذلك بمرأى من المشركين.

جاء المشركون برجل شجاع يُدعى دعثور بن الحارث وأعطوه سيفًا صقيلاً، ليقتل النبي. اقترب دعثور من النبي صلى الله عليه وسلم وقال: “يا محمد، من يمنعك مني اليوم؟” فرد النبي: “الله”. دفع جبريل عليه السلام في صدر دعثور، فوقع السيف من يده. أخذ النبي السيف وقال: “من يمنعك مني؟” قال دعثور: “لا أحد، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والله لا أكثر عليك جمعاً أبداً”. وأعاد النبي السيف لدعثور الذي عاد إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام.

نزل في ذلك قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ” (المائدة: 11).

ورد في كتاب “المنتظم في تاريخ الملوك والأمم” لابن الجوزي:

“غزوة غطفان وهي ذو أمر ويقال لها: غزوة أنمار. لما بلغ رسول الله أن جمعًا من بني ثعلبة ومحارب بذي أمر قد تجمعوا، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول في أربعمائة وخمسين رجلاً واستخلف عثمان بن عفان. قبضوا على رجل من المشركين يدعى حبار من بني ثعلبة. الذي أخبرهم بأن المشركين قد هربوا لرؤوس الجبال.

أسلم حبار ولم يواجه رسول الله أحدًا. أصابهم مطر فنزع رسول الله ثوبيه ونشرهما على شجرة ليجفا، فجاء دعثور بن الحارث ومعه سيفه وقال: “من يمنعك مني اليوم؟” قال رسول الله: “الله”. دفع جبريل عليه السلام في صدره فوقع السيف، فأخذه رسول الله وقال: “من يمنعك مني؟” قال دعثور: “لا أحد، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله”. عاد دعثور إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام. نزلت الآية: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم}. وعاد المسلمون إلى المدينة بعد إحدى عشرة ليلة دون أن يلقوا كيدًا.”

هكذا، تجلت حماية الله لنبيه بمعجزة عظيمة، وشهدت الغزوة تحول عدوه إلى مؤمن وداعٍ للإسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى