تاريخ ومزارات

 أحمد بن علي المقريزي: المؤرخ الذي وثّق تاريخ مصر والشام

وُلد أحمد بن علي المقريزي في القاهرة لعائلة بعلبكية الأصل، هاجر والده إلى مصر واستقر فيها. نشأ المقريزي في كنف جده لأمه الذي تولى تعليمه. خدم السلطان في شبابه وتدرج في وظائف الدولة المختلفة قرابة ثلث قرن، قبل أن يتركها ويتفرغ للكتابة والتأليف في مجالات متنوعة، خاصة في التاريخ.

من هو المقريزي

تولى المقريزي عدة مناصب منها الكتابة في ديوان الإنشاء والقضاء وإمامة جامع الحاكم وتدريس الحديث بالقاهرة ومحتسبية القاهرة والوجه البحري. في سنة 1408م، عُيّن ناظرًا على الأوقاف والمستشفى النوري بدمشق، كما قام بالتدريس في مدارس الحديث هناك. بعد عشر سنوات، عاد إلى القاهرة ليتفرغ للعلم والدراسة، وحجّ وجاور خلال هذه الفترة.

كان ابن خلدون أحد أساتذة المقريزي بعد استقراره في مصر، وتأثر به بشكل كبير. كان المقريزي واسع القراءة والمعرفة، وألّف العديد من الكتب الهامة. من أشهر كتبه “المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار” المعروف باسم “الخطط”، الذي بدأه بمقدمة جغرافية وتاريخية مسهبة تناول فيها المدن والآثار المصرية القديمة والوسيطة.

تناول في كتابه “عقد جواهر الأسقاط من أخبار مدينة الفسطاط” تاريخ مصر الإسلامية في عهد الولاة، وفي “اتعاظ الحنفا بأخبار الخلفا” تاريخ الخلافة الفاطمية، أما كتابه “السلوك لمعرفة دول الملوك” فهو تاريخ لمصر والشام في عهد الأيوبيين والمماليك حتى وفاته.

المقريزي كان يخطط لكتابين ضخمين هما “المقفى الكبير” الذي كان من المفترض أن يكون معجمًا لتراجم حكام مصر ورجالها في ثمانين مجلدًا، لكنه أنجز منها ستة عشر فقط، و”درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة” الذي تركه غير مكتمل.

اشتهر المقريزي أيضًا باهتمامه بالتاريخ الاقتصادي والاجتماعي، حيث ألّف “النزاع والتخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم” الذي أرجع فيه الفرقة والتنافس على الخلافة إلى عصبيات الجاهلية القديمة، و”إغاثة الأمة بكشف الغمة” الذي تناول فيه تاريخ المجاعات في مصر وأسبابها، مسلطًا الضوء على سوء تدبير الزعماء والحكام.

أحمد بن علي المقريزي، الذي عاش في قلب العصور الإسلامية المزدهرة، قدم للعالم مجموعة هائلة من الأعمال التاريخية التي وثقت تاريخ مصر والشام بشكل دقيق وشامل. بفضل معرفته الواسعة ودأبه المستمر، يظل المقريزي أحد أبرز المؤرخين في تاريخ الإسلام، تاركًا إرثًا غنيًا للأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى