تاريخ ومزارات

رحلة رفاعة الطهطاوي: من طهطا إلى باريس وميلاد فكر جديد

رفاعة الطهطاوي، المولود في قرية طهطا بصعيد مصر. نشأ في أسرة عريقة تعرضت لصعوبات مالية أجبرت والده على الانتقال بأسرته من مكان إلى آخر حتى استقروا في القاهرة. كما كان عمره آنذاك ستة عشر عامًا.

 من هو رفاعة الطهطاوي

في رحاب الأزهر، تتلمذ الطهطاوي على يد العلماء، متبعًا منهجهم الدراسي. ولكنه استفاد بشكل خاص من توجيهات الشيخ حسن العطار، الذي كان يطالع كتبًا في مجالات متعددة كالجغرافيا والتاريخ والطب والرياضيات والأدب والفلك. وعلى الرغم من أن مناهج الأزهر لم تكن تشمل هذه الكتب. إلا أن الشيخ العطار قدمها لمجموعة مختارة من تلاميذه المتميزين. مشجعًا إياهم على استكشاف هذه المعارف الجديدة.

كما أتم الطهطاوي تعليمه في الأزهر وهو في الحادية والعشرين. كما انضم إلى كادر التدريس، متميزًا في عمله. وتولى منصب إمام لوحدات الجيش العلوي الجديد، ومن ثم تم اختياره ليكون إمامًا للبعثة العلمية المصرية في فرنسا. حيث بدأ بتسجيل تفاصيل رحلته منذ مغادرته الإسكندرية في رمضان عام 1241 هجريًا، واستمر في ذلك حتى عودته إلى مصر بعد خمس سنوات.

اطلاعه

خلال إقامته في باريس، لم يكتف الطهطاوي بالتحضير للعودة كإمام لوحدة عسكرية، بل سعى ليصبح مساهمًا فعالًا في تنمية وطنه ومجتمعه. فقد انغمس في تعلم اللغة الفرنسية واطلاعه على الكتب الهامة، وترجم ما تيسر له منها، واكتسب معرفة بالعلوم والمعارف الجديدة، مقارنًا بين ما تعلمه وما كان مفتقدًا في مصر. وعند عودته، كان قد تسلح بالعلم والمعرفة، وأصبح أكثر تعمقًا في التفكير والتعبير، حاملًا معه أفكارًا وانطباعات جديدة. أصبح ماهرًا في الترجمة والتأليف، واستوعب الكثير مما رفع من مكانة الأوروبيين.

عند عودته إلى مصر، قام الطهطاوي بمقارنة بين العلم والعلماء في مصر وباريس، ولم يكتف بالمقارنة فحسب، بل حمل معه أفكارًا لتثقيف شعبه. فقد حرص على ترجمة الدستور الفرنسي بشكل كامل، موضحًا لشعبه أهمية المساواة في الفرص وحقوق الفرد والحرية في الاعتقاد والتفكير والتعبير، معلقًا ومفسرًا للموضوعات.

كما عاد إلى القاهرة في عام 1831 بعد غياب دام خمس سنوات. وأمضى بقية حياته في مصر باستثناء ثلاث سنوات قضاها في الخرطوم. تولى الطهطاوي العديد من المناصب الهامة، فعمل في مدرسة الطب ومدرسة الطوبجية ومدرسة الألسن والمدرسة الحربية وقلم الترجمة. وقد جلب معه من باريس، إلى جانب مخطوط رحلته. اثني عشر كتابًا ترجمها من الفرنسية. تناولت موضوعات متنوعة من الأدب والتاريخ إلى الجغرافيا والرياضيات والدراسات العسكرية. وعند عودته إلى مصر، استأنف عمله كمترجم ومصحح ومدرب للمترجمين. موجهًا إياهم في اختيار الكتب. وبذلك يعتبر بحق أب النهضة الفكرية الحديثة في مصر، وكان يهدف من خلال أعمال الترجمة إلى إثراء الثقافة المصرية وتسليط الضوء على القضايا الهامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى