الطبيب المفضل للمعتصم: سلمويه وإرثه الطبي
في عام 218 هـ، عندما تولى أبو إسحاق محمد المعتصم بالله مقاليد الحكم، اختار الطبيب سلمويه ليكون مستشاره الشخصي ومنحه تقديراً لا يوصف. كانت توقيعات المعتصم تُكتب بخط يد سلمويه، وكذلك الأوامر الموجهة للأمراء والقادة. وقد تم تعيين إبراهيم بن بنان، شقيقه، لإدارة خزائن الدولة، وكان يحظى بثقة المعتصم مثل أخيه.
من هو سلمويه
النصراني الفاضل، كان معروفاً بأخلاقه الحميدة وحكمته البالغة. وفقاً لإسحاق بن علي الرهاوي. كما قال المعتصم إن سلمويه كان له أهمية أكبر من قاضي القضاة، لأنه كان يحكم على صحته. والتي كان يعتبرها أثمن من ماله ومملكته. وعندما مرضه، أمر المعتصم ابنه بزيارته، وأعرب عن يقينه بأنه لن يعيش طويلاً بعد وفاته، لأن سلمويه كان يعتني بصحته بشكل دقيق.
كان المعتصم يناديه بـ “أبي“، وعندما مرض، زاره المعتصم وطلب منه النصيحة للمستقبل. كما نصحه بالاستعانة بيوحنا بن ماسويه، ولكن بتوخي الحذر في تناول الأدوية. بعد وفاته. كما رفض المعتصم الطعام وأمر بإقامة جنازة مهيبة له على طريقة النصارى. وقد عانى المعتصم من الحزن الشديد بعد وفاته، وتدهورت صحته تدريجياً حتى وفاته بعد عشرين شهراً من رحيله، في شهر ربيع الأول عام 227 هـ.
نجد أن الطبيب سلمويه لم يكن مجرد طبيب عادي بل كان رمزاً للثقة والاحترام في عهد المعتصم. لقد ترك بصمة لا تمحى في التاريخ، ليس فقط بسبب مهاراته الطبية الفائقة، بل أيضاً بسبب حكمته وأخلاقه العالية. وقد أظهرت وفاته تأثيره العميق على المعتصم، الذي فقد ليس فقط طبيبه بل صديقه ومستشاره الأمين. تعد قصة سلمويه والمعتصم شهادة على العلاقة الإنسانية التي يمكن أن تتجاوز الحواجز الدينية والاجتماعية، وتبرز كيف يمكن للعلم والرعاية أن يحدثا فرقاً في حياة الأفراد والمجتمعات. وفي النهاية، تذكرنا قصتهما بأن الإنسانية والكرامة يمكن أن تكونا أقوى من أي عنصر آخر في تاريخنا المشترك.