العبقري الطبيب: حياة وإرث عمران بن صدقة
في أروقة التاريخ، تتجلى قصص العظماء الذين أثروا في مسار الحضارة الإنسانية بعلمهم وفنهم. من بين هؤلاء العظماء، يبرز الحكيم عمران بن صدقة، الذي نسج خيوط الشفاء والعلم في نسيج العصور الذهبية للطب الإسلامي. وُلد هذا العلامة في دمشق، مهد العلم والثقافة، ليتبع خطى والده الطبيب المشهور، ويصبح بنفسه أيقونة في فن الطب.
من هو عمران بن صدقة
كان عمران بن صدقة، المعروف بأوحد الدين، طبيبًا متميزًا وُلد في دمشق، حيث كان والده أيضًا طبيبًا ذا شهرة واسعة. تتلمذ عمران على يد الشيخ رضي الدين الرحبي. كما برع في الطب حتى أصبح من أبرز الأطباء في عصره. نال إعجاب الملوك والأمراء، الذين اعتمدوا عليه في علاجهم ومعالجة أحبائهم، ومنحوه جزيل الأموال والهبات التي تفوق الوصف. امتلك مكتبة طبية ضخمة لا نظير لها، ولم يرتبط بخدمة ملك معين، بل كان يُستدعى للعلاج عند الحاجة، ويُعالج بأرقى الطرق وأفضل التدابير.
في إحدى الحكايات، عندما كان بالكرك، استدعاه الملك الناصر داود بن الملك المعظم من دمشق لعلاجه. كما بقي عمران معه حتى تماثل للشفاء، فأغدق عليه الملك بالهدايا والأموال الوفيرة، وحدد له راتبًا شهريًا سخيًا. وكذلك السلطان الملك العادل، الذي كان يكرمه بالإنعامات الجزيلة ويمنحه راتبًا ثابتًا. بينما كان عمران مقيمًا في دمشق. كما كان يخدم في القصور السلطانية ويعالج المرضى في البيمارستان الكبير. وكان شيخنا مهذب الدين عبد الرحيم بن علي، رحمه الله، يشاركه في هذه المهمة، حيث كان اجتماعهما يجلب كل خير للمرضى.
وفي نهاية رحلة حياته، انتقل الحكيم عمران إلى دار البقاء في مدينة حمص. بعد أن استدعاه صاحبها ليعالجه. ترك وراءه إرثًا طبيًا عظيمًا، وذكرى لا تُنسى في قلوب الذين عالجهم والذين تعلموا من حكمته. لقد كان عمران بن صدقة، بحق، عبقريًا من عباقرة الطب، أضاء بمعرفته دروب الشفاء. وسيظل اسمه محفورًا بأحرف من نور في سجل العلم والإنسانية.