“طعام ولا فلوس”.. هل يجوز اخراج زكاة الفطر نقدًا؟
أميرة جادو
مع اقتراب حلول عيد الفطر المبارك، تزداد التساؤلات حول زكاة الفطر.. ولعل من أبرزها ما حكم إخراج زكاة الفطر مالا نقديا؟
وفي هذا الإطار، أجابت “دار الإفتاء” عن هذا السؤال المثير للجدل.. مؤكدة أنه يجوز شرعًا إخراج زكاة الفطر مالًا، وهذا ما نراه أَوفَقَ لمقاصد الشرع وأَرفَقَ بمصالح الخلق. فهو الأقرب نفعًا للفقير، وبه يتحقق إغناؤه عن السؤال يوم العيد.
زكاة الفطر في السادة الحنفية
وأشارت “الإفتاء”، الى أن السادة الحنفية يرى أن الواجب في صدقة الفطر نصف صاعٍ من برٍّ أو دقيقه أو سَوِيقه أو زبيبٍ أو صاع مِن تمرٍ أو شعير. وأن وجوب المنصوص عليه إنما أتى من كونه مالًا متقومًا على الإطلاق لا من كونه عَينًا. فيجوز أن يعطي المزكي عن جميع ذلك القيمةَ: دراهمَ، أو دنانير، أو فلوسًا، أو عروضًا، أو ما شاء.
ووفقاً لما ذكره “الإمام السرخسي” في كتابه “المبسوط” (3/ 107-108، ط. دار المعرفة): [فإن أَعطى قيمةَ الحِنطة جاز عندنا؛ لأنَّ المعتبرَ حصول الغِنى. وذلك يحصل بالقيمة كما يحصل بالحِنطة، وعند الشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز. وأصل الخلاف في الزكاة.
وكان أبو بكر الأعمش رحمه الله تعالى يقول: أداء الحنطة أفضل من أداء القيمة. لأنه أقرب إلى امتثال الأمر وأبعد عن اختلاف العلماء. فكان الاحتياط فيه، وكان الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى يقول: أداء القيمة أفضل؛ لأنه أقرب إلى منفعة الفقير. فإنه يشتري به للحال ما يحتاج إليه. والتنصيص على الحنطة والشعير كان لأن البِياعات في ذلك الوقت بالمدينة يكون بها، فأما في ديارنا البياعات تجرى بالنقود. وهي أعز الأموال. فالأداء منها أفضل] هـ.
هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقدًا
وهذا أيضًا هو مذهب جماعة من التابعين، كما أنه قول طائفة مِن العلماء يعتد بهم. منهم: الحسن البصري؛ حيث روي عنه أنه قال: “لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر”. وأبو إسحاق السبيعي؛ فعن زهير قال: سمعت أبا إسحاق يقول: “أدركتهم وهم يعطون في صدقة الفطر الدراهمَ بقيمة الطعام”. وعمر بن عبد العزيز. فعن وَكِيع عن قرَّةَ قال: “جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر: نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته نصف درهم”. وقد روى هذه الآثار الإمام أبو بكر بن أبي شيبة في “المصَنَّف” (2/ 398، ط. مكتبة الرشد).
وهو أيضًا “مذهب الثوري”، وبه قال إسحاق بن راهويه وأبو ثور.. إلا أنهما قيَّدا ذلك بالضرورة كما ذكره الإمام النووي في “المجموع شرح المهذب” (6/ 112، ط. دار الفكر). وأجازه الشيخ تقي الدين بن تيمية الحنبلي أيضًا للحاجة والمصلحة الراجحة. حيث يقول في “مجموع الفتاوى” عن إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك (25/ 82-83، ط. مجمع الملك فهد): [والأظهر في هذا أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه… وأما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل فلا بأس به] اهـ.
كما أن القول بإجزاء إخراج القيمة في زكاة الفطر رواية مخَرَّجة عن الإمام أحمد نَصَّ عليها المِرداوِي في “الإنصاف” (3/ 182، ط. دار إحياء التراث العربي).
والذي نختاره للفتوى ونراه أَوفَقَ لمقاصد الشرع وأَرفَقَ بمصالح الخلق هو جواز إخراج “زكاة الفطر” مالا مطلقًا. وهذا هو مذهب الحنفية، وبه العمل والفتوى عندهم في كل زكاة وفي الكفارا. والنذر، والخراج، وغيرها. كما أنه مذهب جماعة من التابعين كما مَرَّ.