النمرود بن كنعان.. أول طاغية تحدى الله فنال عقابه
كان النمرود بن كنعان من أبرز الجبابرة الذين مروا في التاريخ، فقد امتلك ملكًا واسعًا في بابل بالعراق، وتجبر في الأرض متغطرسًا حتى ادعى الألوهية، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ملوك الدنيا أربعة، مؤمنان هما سليمان وذو القرنين، وكافران هما النمرود وبختنصر، وهو أول من وضع التاج على رأسه، واستمر في ملكه أربعمائة سنة، متجاهلًا وجود خالقه، غارقًا في سلطته ونفوذه.
النمرود والنبي إبراهيم عليه السلام.. المواجهة بين الحق والباطل
ذكرت قصة النمرود في القرآن الكريم عندما واجه نبي الله إبراهيم عليه السلام، حيث جاء في سورة البقرة أنه حاج إبراهيم في ربه، فقال إبراهيم إن الله يحيي ويميت، فرد النمرود متفاخرًا بأنه يفعل ذلك أيضًا، فأمر بإطلاق سراح رجل وقتل آخر ليثبت زعمه، لكن إبراهيم ألقمه الحجة قائلاً إن الله يأتي بالشمس من المشرق فليأتِ بها من المغرب إن كان صادقًا، فبُهت النمرود وعجز عن الرد.
يروي القرطبي أن بداية خوف النمرود كانت عندما رأى في منامه كوكبًا يملأ السماء ويطغى نوره على ضوء الشمس، فاستدعى الكهنة والمنجمين الذين أخبروه بأن غلامًا سيولد ويكون زوال ملكه على يديه، فأمر بذبح كل مولود ذكر في ذلك العام، لكن مشيئة الله شاءت أن يولد إبراهيم في تلك السنة، فخبأته أمه حتى كبر، وبدأ في دعوة قومه إلى عبادة الله وترك عبادة الأصنام.
تحدي إبراهيم للنمرود ونجاته من النار
رفض إبراهيم عبادة الأصنام ودخل إلى معبد قومه يوم خرجوا للاحتفال، فحطمها جميعًا إلا أكبرها، وعندما عادوا وسألوه عما حدث، أخبرهم بأن كبير الأصنام هو من فعل ذلك وطلب منهم سؤاله إن كان ينطق، فغضب النمرود وأمر بإعداد نار عظيمة لإحراقه، لكن الله جعلها بردًا وسلامًا عليه، فكانت تلك إحدى المعجزات العظيمة التي زادت من ذهول الطاغية.
نهاية النمرود
رغم محاولاته لإثبات جبروته، لم يستطع النمرود الصمود أمام قدرة الله، فحشد جيشه يومًا عند طلوع الشمس ليؤكد قوته، لكن الله أرسل عليه أسرابًا من البعوض غطت السماء، فأكلت لحوم جنوده وشربت دماءهم حتى تحولت أجسادهم إلى عظام نخرة، أما النمرود، فدخلت بعوضة في أنفه وظلت تعذبه سنوات طويلة، وكان يضرب رأسه بالمطارق ليخفف ألمه، حتى هلك بذلك، لينتهي مصير أول طاغية ادعى الألوهية بميتة مهينة، جزاءً لكفره وطغيانه.
