كان هناك في الأمم الماضية نبيًّا يدعى سليمان وهوابن النَّبي داوود -عليه السلام- وأحد رسل الله إلى بني اسرائيل،وقد عاش هذا الملك والنَّبي العظيم ما يقارب اثنين وخمسين سنة وكانت فترة حكمه حوالي الأربعين سنة، أي أنَّه استلم الحكم وهوابن اثني عشر سنة، ولقد كان سليمان -عليه السَّلام- رجلًا جميلًا فقد كان وجهه أبيض ناصع ويملك شعرًا جميلًا وكثيرًا على رأسه.
⚫سيدنا سليمان حاكم الأرض
لقد كان النَّبي سليمان عليه السَّلام يعيش في غنى وفضلٍ من الله سبحانه وتعالى، وكانت مملكته هي أكبر مملكة على الإطلاق، وقد كان ينشر الأمن والسَّلام بين الناس الذين كانوا يعيشون على أرض مملكته، وكان يعيش في هذه المملكة الكثير من الحيوانات التي كان يستطيع فهم لغتها والحديث معها، وسخر الله لسليمان الريح يأمرها بما يشاء وتحمله إلى أيِّ مكان يريده، وحتى الجن أيضًا كانوا من المخلوقات التي يحكمها عليه السلام، بأمرٍ وفضلٍ من الله سبحانه وتعالى.
واشتُهر -عليه السَّلام- بأنَّه ملكٌ عادلٌ ويحكم بين رعايا أمَّته بالعدل والحب، وكان يتفقد مصالحهم وحاجاتهم، فلا يغيب عن عينه حال أحد من تلك الكائنات التي كانت تعيش في أرجاء مملكته، فها هو يستمع لصوت النَّملة وهي تستجيروتنادي لأبناء قومها وتنبههم بأن يختبئوا حتَّى لا تدوسهم أقدام جيش سليمان -عليه السَّلام- العظيم، فلا يغضب منها أو ينكر قولها بل يحترمها ويتبسَّم من فعلها هذا، فلقد كان سليمان -عليه السَّلام- من خير الملوك الذين يرحمون الضعفاء.
⚫دعوة سيدنا سليمان قومه
لقد أمر الله النَّبي -عليه السَّلام- أن يدعو قومه بني إسرائيل إلى عبادته وحده،ولقد كان سليمان -عليه السَّلام- يحبُّ الله كثيرًا ويدعو قومه؛ كي يبتعدوا عن عبادة الأصنام وألّا يعبدوا أحدًا مع الله، فالله لا يحبُّ أن يعبد عباده غير من الأشياء التي لا تنفعهم ولا تضرهم، فكان دائمًا يدلُّهم على الأفعال الجيدة التي يحبُّها الله فهو الذي أعطاهم الكثير من الأموال والبيوت والقصور الجميلة، فالخير دائمًا من الله وحده.
الهدهد يخبر سيدنا سليمان بخبر عظيم: فما هو؟! وفي أحد الأيام كان سليمان -عليه السَّلام- يسير بين الحيوانات في أحد اجتماعاته، وإذ به يبحث عن طائر الهدهد فلم يجده، وبعد أن بحث عنه طويلًا ولكن من غير أن يعثر له على أثر، عندها غضب سليمان -عليه السَّلام- من هذا الطَّائرلأنَّه تغيَّب عن الاجتماع من غير أن يستأذن.
وعندما جاء الهدهد كان أول ما قاله للنَّبي سليمان -عليه السلام- أنَّه كان بمكان بعيد ورأى الأمور العجيبة هناك، وقد كان طائر الهدهد ذكيًّا وقال هذا الكلام ليشدَّ انتباه سليمان -عليه السَّلام- إليه، فعندها سأله سليمان -عليه السَّلام- عن الذي رآه وكان السبب وراء دهشته تلك، فأجاب الهدهد أنَّه رأى في مكان بعيد مدينةً جميلةً وغنيَّةً ويعيش هناك النَّاس بسعادةٍ كبيرةٍ، وعندهم ملكة عظيمة وقوية وعندها كرسيٌّ جميلٌ وعظيم، ولكنَّها كانت تعبد الشَّمس هي وقومها الذين كانت تحكمهم.
⚫ سيدنا سليمان يدعو ملكة سبأ إلى توحيد الله
بعد أن ذكر الهدهد لسليمان -عليه السَّلام- سبب غيابه عفا عنه ولم يعاقبه، وبعث معه رسالةً إلى ملكة سبأ، وكان بداخل تلك الرِّسالة طلبٌ من سليمان -عليه السَّلام- لبلقيس أن تعبد الله وحده وتترك ما تفعله من عبادة الشَّمس، ذهب طائر الهدهد وألقى تلك الرِّسالة بالقرب من الملكة كي تراها ووقف ينظر إليها ماذا ستفعل بتلك الرِّسالة.
⚫ هل أسلمت ملكة سبأ؟
وبعد أن قرأت بلقيس رسالة سليمان- عليه السلام- جمعت قومها وسألتهم أن يساعدوها في التَّفكير بهذا الأمر وماذا تقول لسليمان ردًّا على رسالته، فأخبروها أن تتصرف كما تريد وهم سيطيعونها في هذا الأمر، فحاولت أن تبعث لسليمان -عليه السلام- بهدية لتنظر هل يطمع بمالها، وعندما علمت أنَّه يتجهز بجيشه ليغزوها بعد أن بعثت له بالهدايا، ذهبت إليه لتعلن إسلامها لأنَّها علمت أنَّه ليس كبقية الملوك الذين يريدون المال والسلطة.
⚫كيف كانت وفاة سليمان عليه السلام؟
لقد كان يتعبَّد الله وهو مستندٌ على عصاه، فجاء ملكالموت وقبض روحه، فبقي سنةً كاملةً وهو ميت ولا يعلم أحدٌ بموته، حتَّى جاءت حشرة وبدأت بأكل تلك العصا التي كان يستند عليها فوقع ميِّتًا وذلك بعد أن بقي الجن سنة كاملة وهم يعملون في بناء بيت المقدس ولا يعلمون موته.
ما الذي تعلمناه من قصة سيدنا سليمان؟
ومن الأمور التي تمَّ تعلمها من قصة النَّبي سليمان -عليه السلام- ما يأتي:إنَّ العطاء والأموال بيد الله يعطيها من يريد من خلقه، فعندما طلب النَّبي سليمان من الله أن يعطيه الملك العظيم والقوة الكبيرة، أعطاه الله ملكًا لم يعطه لأحدٍ من بعده أبدًا.
فإنَّ شكر الله على النِّعم يزيدها، فعندما شكر سليمان ربه على نعمه ازداد نعيما.
كما إنَّ الجن مخلوقات يفعل الله بها ما يشاء وهم لا يعلمون أمور الغيب، وهذا كان واضحًا عندما مات النَّبي سليمان لم يعلم الجن بموته فورًا، وإنَّما بقي الأمر خفيًّا عنهم حتَّى أكلت الحشرة عصاه ووقع على الأرض.
إنَّ المَلك العظيم هو إنسان عظيم يعمل من أجل إسعاد أبناء مملكته، بالإضافة إلى أنَّه يحترم قومه ويستمع لرأي كل شخصٍ منهم، كما فعل النَّبي -عليه السَّلام- عندما استمع لقول النَّملة واستمع لكلام الهدهد الذَّكي.
فيجب على الإنسان أن يبدأ كلامه بالتَّحية، وأن يذكر اسم الله في بداية رسائله كما فعل النَّبي سليمان -عليه السَّلام- عندما بعث رسالةً لبلقيس.