كتابنا

احمد الشريف يكتب :9 أعوام مع ثورة 21 سبتمبر الشعبية

احمد الشريف يكتب :9 أعوام مع ثورة 21 سبتمبر الشعبية

بحلول يوم الخميس القادم الموافق 21 سبتمبر 2023م تكون ثورة 21 سبتمبر الشعبية قد أكملت عامها التاسع وبمناسبة هذه الذكرى المجيدة لن آتي بجديد في مقالي لهذا الأسبوع :

حديث الاثنين لأن ما سأتناوله فيه عن هذه الثورة الشعبية سبق لي أن تعرضت له في مناسبات سابقة وإن كان الشيء الذي لا يختلف عليه اثنان ولا ينكره إلا جاحد يتمثل في أن  هذه الثورة التي ولدت من رحم الشعب قد قضت ولأول مرة على الاستبداد وأنهت الهيمنة السياسية إلى الأبد لاسيما بعد سقوط مراكز النفوذ وتحالف القوى التي كانت تتحكم في مركز القرار السياسي اليمني سواءً أكانت قيادات سياسية وعسكرية أو وجاهات اجتماعية ومشيخية وهو ما يؤكد أن الفترة القادمة بعد إنهاء العدوان  على اليمن ورفع الحصار عنه وتحقيق الانتصار الكبير ستشهد حكماً مختلفاً تماماً يعكس بالدرجة الأولى الإرادة الشعبية التي تم تغييبها خلال العقود الماضية وسيكون من الصعب على أي طرف سياسي بعينه أن يحكم بمفرده حتى لو كان هذا الطرف قد حصل على ثقة الشعب عبر صندوق الانتخابات وذلك لسبب بسيط وهو أن الشعب اليمني قد اكتوى بنار الاستبداد والتسلط السياسي وتزييف إرادته والتحدث باسمها وعليه نؤكد ان الشراكة الوطنية التي أرستها ثورة 21 سبتمبر الشعبية عام 2014م ودعت إليها لتشكل المدخل المناسب لتحمل المسؤولية وترجمة إرادة الشعب اليمني من خلالها هي التي ستكون السائدة خصوصا بعد أن تم كسر حاجز الخوف لدى اليمنيين والقضاء على مشروع التوريث الذي كان يُعد له كل طرف يصل إلى سدة السلطة أو حتى يقترب منها ، ورغم التوجه الوطني الواضح لثورة 21 سبتمبر كحركة ثورية وطنية إلا أن المفلسين الذين تبلدت أفكارهم وتحجر وعيهم لم يستوعبوا بعد ما جاءت به من أهداف وطنية فحاولوا تشويه مسيرتها النضالية من خلال زعمهم أنها تريد إرجاع النظام الإمامي حسب ما يتهيأ لهم  ونحن نقول لهؤلاء : إذا كانت هذه الثورة الشعبية التي تعتبر أنبل وأطهر ما انتجته التربة اليمنية وهدفها الأساس هو تحرير اليمن وقراره السياسي من الوصاية الخارجية وبناء دولة وطنية حديثة تتسع للجميع تشارك في بنائها كل القوى الوطنية وتعتمد على ذاتها فهذا الزعم في حد ذاته كافيا ليكون فخرا للإمامة التي تتشدقون بها وأفضل بكثير من جمهورية ارتمت في أحضان عدوها الذي حاربها مُنذ أول يوم تأسست فيه وسمحت له بأن يحكم اليمن بالنيابة عنها ويتحكم بمصير شعب بأكمله ولم يبق لها سوى النشيد والعلم لتتغزل به  وخير برهان على ذلك هو أن الذين يطالبون اليوم بهذا النوع من الجمهوريات هم من يقبعون في أحضان نظام ملكي سلالي عفن  كهنوتي عاصمته الرياض أفقد شعبه حتى هويته الوطنية وجعله ينتسب إلى الأسرة السعودية التي تحكمه وهناك جزء من هؤلاء سلموا الجنوب بأكمله لحكام مشيخة الإمارات ليحتلوه ويقتلوا أبناءه بل ويتسابقون على تأجير موانئه وجزره وكأنها ملكاً خالصا لهم اشتروها بحر مالهم ، ألا يستحي مثل هؤلاء من التشكيك في وطنية من ضحوا ويضحون بأنفسهم من أجل الدفاع عن وطنهم وعن سيادته واستقلاله وإعادة إلية اعتباره وكذا كرامته التي سلبت من شعبه بفعل العملاء والمرتزقة الذين لا هم لهم إلا عبادة الأموال المدنسة وعجزوا خلال أكثر من نصف قرن عن بناء دولة حقيقية يتمتع أبناؤها في ظلها بكامل  حقوقهم المشروعة وتوفر لهم فرص عمل في بلدهم بدلاً من  تشردهم في الخارج بحثا عن لقمة العيش بل لقد قادهم فشلهم وعجزهم للاستعانة بعدو خارجي ليغزوا اليمن ويحتلها ويقتل أبناءها ويدمر بنيته التحتية ويعتبرون ذلك إنجازا في نظرهم حسب ما تعودوا وتربوا عليه.
إن آخر شيء كنا نتصوّره نحن اليمنيين قبل قيام ثورة 21 سبتمبر الشعبية التي قلبت الموازين وأعادت تشكيل الوعي الوطني أن يصل بنا العجز والإفلاس في بناء دولة وطنية قوية وحديثة الى درجة تخويف أنفسنا من الماضي والترويج له بخبث وأن الائمة والسلاطين عائدون إلى حكم اليمن وذلك لتغطية على عجزنا وتضليل الجيل الجديد الذي لا يعرف عن حكم الائمة والسلاطين والاستعمار شيئاً بعد مرور ستة عقود على زوالهما بقيام ثورتي (سبتمبر وأكتوبر) مُنذ ستة عقود ، فهل يعني أن ما نردده ونذكّر الناس به خاصة هذه الأيام من قبل الذين يشككون في المرحلة الحالية أن النظام الجمهوري هش وغير ثابتة أركانه وأن بالإمكان القضاء عليه وإسقاطه ببساطة وبمجرد إطلاق شائعة هنا أو هناك ؟!. ومن المفارقات العجيبة أن الذين يروجون لمثل هذه الشائعات يصدقونها ويتعاملون معها إعلامياً وكأنها حقيقة واقعة.منطلقين من القاعدة الميكافيلية : اكذب  أكذب أكذب حتى يصدقك الناس ، ونعتقد أن الترويج لمثل هذه الأطروحات ستجعل من الجيل الجديد الذي عاش في ظل النظام الجمهوري ولا يعرف غيره يعود إلى الماضي ويكتشف كيف كان آباؤه وأجداده يعيشون في ظل شبه دولة وينعمون بالأمن والأمان بغض النظر عن الوضع المعيشي حينها حيث لم تكن توجد فروقات كبيرة بين دول المنطقة في تلك الفترة بينما هذا الجيل يعيش اليوم في ظل فوضى إدارية وأمنية وقتل وذبح للإنسان اليمني وحدوث فتن طائفية ومذهبية وحزبية في كل مكان حتى كاد المواطن اليمني يشكّل أرخص الأشياء في هذا البلد ، إنها قمة المأساة أن نصل إلى هذا المستوى من التفكير وأن نتعامل مع قضايانا ومعالجة مشاكلنا التي يتم ترحيلها أولاً بأولاً بهذا النهج غير المسؤول ، وعندما تتراكم قضايانا وتزداد تعقيداً يصعب حلها وهروباً من تحمل المسؤولية نفتح باب الدعاية المضللة لإشغال الرأي العام بها لاسيما وأن الشعب اليمني ينطلق في تفكيره من عاطفته وليس من عقله ووعيه فيصدق كل ما يُقال له ويتفاعل معه والمصيبة الأكبر أنه يتم الضحك عليه حتى من قبل البلهاء والأفاقين وحواة السياسة كما سبق وأشرنا إليه في مقالات سابقة ، غير مدركين أن التغيير قد تم ولم يعد بالإمكان الرجوع إلى الوراء مهما تكالب الأعداء على الشعب اليمني من الخارج والداخل وأعدوا من قوة لإجهاض مشروعه الوطني المتمثل في بناء دولته الحديثة القوية والعادلة والذي لن يتراجع عنه أبداً .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى