تاريخ ومزارات

عبدالرحمن كتخدا.. أمير البنائين في الدولة العثمانية

أسماء صبحي

إن الغرام بالبناء والتشييد ليس قاصراً على السلاطين والملوك ولكن شاركهم في ذلك بعض الأمراء الذين عشقوا فن العمارة والبناء. بل وتفوق بعض هولاء الأمراء على بعض السلاطين في البناء والتعمير.

تركوا الكثير من المنشآت المعمارية الكبيرة التي خلدت أسمائهم في السجل المعمارى للمحروسة. ومن هولاء الأمراء عبدالرحمن كتخدا وهو بناء عظيم عالي الهمة في أيام العثمانيين.

من هو عبدالرحمن كتخدا

يعتبر في مقدمة الساعين في تجميل القاهرة بمبانيه، كان صاحب نفوذ قبل أيام علي بك الكبيرظ وقد ورث عبد الرحمن ميوله الفنية عن أبيه الذي استطاع أن يشيد مما جمعه من ثروة – مدرسة ومسجداً وسبيلاً بالقرب من بركة الأزبكية. وفي يوم افتتاحها ملأ حوضاً كبيراً وكل ما وصلت إليه يده من الأواني بالشراب المحلى بالسكر ليسقي الأهالي وبنى منشئات خيرية أخرى.

وقد عشق البناء، فأنشأ وجدد كثيراً من المساجد والأسبلة والأضرحة. وقد اشتهر عبد الرحمن بما أدخله من زيادات في الجانب الشرقي من الأزهر. ومن بينها ضريحه الخاص وجزء من المدخل وخمسون عموداً من رواق القبلة. ومنبر ومحراب جديدان وشيد مئذنتين وبابي الشوربة والصعايدة.

جمع عبد الرحمن كتخدا في أكثر مبانيه بين الجمال والفن، ويتجلى ذلك في سبيله الرائع الواقع عند ملتقى شارعي النحاسين والجمالية والمعروف باسمه حتى اليوم. ولهذا السبيل ثلاث واجهات بها ثلاث فتحات عقودها من الرخام الملون و “تواشيحها” من الرخام الدقيق موضوع عليها شبابيك نحاسية. ويعلو السبيل كتاب ذو مظلات وحواجز من خشب الخرط.

ويتضمن السبيل كتابات تحتوي على اسم المنشئ وتاريخ الإنشاء (1157هـ/1744). أما حجرة السبيل فقد غشيت جدرانها بالقيشاني، وعلى جزء من جداره الشرقي رسم صورة الكعبة الشريفة.

مباني كتخدا

وأنشأ الأمير عبد الرحمن عند باب الفتوح مسجداً وصهريجاً وكتاباً. وفي مدخل الأزهر أعاد بناء المدرسة الطبرسية وجعلها مع مدرسة الأقبغاوية المقابلة لها من داخل الباب الكبير من أحسن المباني فخامة وبهاء، كما أنه بنى المشهد الحسيني.

كما أنشأ عند باب البرقية المعروف بالغريب مسجداً وصهريجاً وحوضاً وسقايةً ومكتباً، وشيد مسجداً بجهة الأزبكية ومكتباً وحوضاً. وبنى مشهد السيدة زينب، ومشهد السيدة سكينة والمشهد المعروف بالسيدة عائشة بالقرب من باب القرافة، والسيدة فاطمة والسيدة رقية، وعمر المدرسة السيوفية. كما جدد المارستان المنصوري وغير ذلك من المساجد والأسبلة.

من أجمل عمائره- دار سكنه بحارة عابدين وكانت من الدور العظيمة المحكمة الإتقان والبناء. لم تماثلها دار بمصر في حسنها وزخرف مجالسها وبابها من النقوش والرخام والقيشاني. وغرس بها بستاناً بديعاً بداخله قاعة متسعة بوسطها نافورة مفروشة بالرخام.

وموجز القول أن عدد المساجد التي بناها أو جددها عبد الرحمن كتخدا بلغ ثمانية عشر مسجداً. يضاف إليها الزوايا والأسبلة والسقايات والمكاتب والقناطر.

عظم شأن عبد الرحمن حتى استفحل أمر علي بك الكبير، فأخرجه منفياً إلى الحجاز وذلك في أول ذي القعدة عام 1178هـ (1764). فأقام بالحجاز اثنتي عشرة سنة حتى أحضره يوسف بك أمير الحج في عام 1190هـ (1776) فدخل إلى بيته مريضاً. فأقام فيه أحد عشر يوماً ثم مات، ودفن بالمدفن الذي أعده لجثمانه بجوار باب الصعايدة بالأزهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى