قوم تُبع: من هم وما هي قصتهم؟
دعاء رحيل
قوم تبع هم أحد الشعوب القديمة التي ذكرها القرآن الكريم في سورة الأحقاف وسورة هود. وهم من بني إسرائيل الذين خرجوا من مصر بعد فرعون واتبعوا نبي الله شعيب عليه السلام. ولكنهم عصوا رسول الله وأنكروا آياته وأكلوا المال بالباطل وظلموا الناس. فأرسل الله عليهم رجزًا من السماء فأهلكهم جميعًا.
موطن قوم تبع
قيل أن قوم تبع كانوا يسكنون في منطقة تسمى المديان، وهي منطقة تقع بين شبه الجزيرة العربية وسيناء وفلسطين. وكانت تشتهر بالزراعة والتجارة والصناعة. وقيل أنهم كانوا يسكنون في مدينة تسمى مديان، وهي مدينة تقع في شمال غرب السعودية على ساحل البحر الأحمر. وكانت تشتهر بالذهب والفضة والجواهر.
دينهم
قوم تبع كانوا يعبدون أصنامًا من جانب، ويزعمون أنهم يؤمنون بالله من جانب آخر. وكانوا يقولون: “إِنَّا مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ” (الزمر: 3). وكانوا يتخذون من شجرة تسمى الأخضر شجرة مقدسة، ويضحون لها ويستغفرون منها. وكان نبي الله شعيب عليه السلام يدعوهم إلى التوحيد والإخلاص لله، وإلى الإحسان في المعاملات، وإلى إقامة الصلاة، وإلى إخلاص الزكاة.
عقابهم
قوم تبع لم يستجيبوا لدعوة نبي الله شعيب عليه السلام، بل استكبروا على الحق وتحدوا بالباطل. فأخذتهم الأرض أخذًا، فظهرت لهم سحابة من السماء، فظنوا أنها سحابة رحمة، فخرجوا إلى ظلالها، فأرسلت عليهم صارخًا فيه نارًا، فأحرقت كل شيء بأسفارهم. فصاروا كأورام نخل خاوية. وقال الله تعالى: “فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۗ أَلَا بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ” (الأحقاف: 15-16).
دروس وعبر من قصة قوم تبع
قصة قوم تبع تحمل في طياتها العديد من الدروس والعبر للمؤمنين في كل زمان ومكان. من هذه الدروس والعبر:
– أن الله هو الواحد الأحد الذي لا شريك له، وأنه يجب على العباد أن يعبدوه مخلصين له الدين، وأن يتركوا كل ما يشركون به من دونه، فإن الشرك هو الظلم العظيم.
– وأن الله يبعث في كل أمة رسولًا يدعوهم إلى الحق وينذرهم من الباطل، وأنه يجب على العباد أن يسمعوا لرسول الله ويطيعوه، وأن يتبعوا سنته وشريعته، فإن في ذلك سعادتهم في الدنيا والآخرة.
– أن الله يرزق من يشاء بغير حساب، وأنه يجب على العباد أن يشكروا لله نعمه، وأن يصرفوا منها في طاعته، وأن يؤدوا حقوق المال، وأن يقيموا الميزان بالقسط، فإن في ذلك بركة لهم في مالهم وأرواحهم.
– وأن الله قادر على كل شيء، وأنه يجب على العباد أن يخافوا من عقاب الله، وأن يستعيذوا بالله من شرور أنفسهم، وأن يتوبوا إلى الله من ذنوبهم، فإن الله تواب رحيم.
– أن الله هو المولى والولي للمؤمنين، وأنه يجب على العباد أن يثقوا بالله ويتولوا على الله، وأن يصبروا على ما أصابهم من بلاء، فإن مع العسر يسرًا.
قوم تبع هم شعب من شعوب الماضي التي ذكرت في كتاب الله لتكون عبرة للخائفين. فقد كانوا قوة عظيمة في الأرض، لكنهم ضيعوا نعمة الله بالكفر والشرك والظلم. فجاءت عليهم سخطة من ربهم فأزالهم من على وجه الأرض. فلا نسأل إلا أن يحفظنا الله من مثل مصيرهم، وأن يثبتنا على دينه حتى نلقاه. والحمد لله رب العالمين.