راسم عبيدات يكتب :الجريمة المنظمة …حرب أخرى على شعبنا
راسم عبيدات يكتب :الجريمة المنظمة …حرب أخرى على شعبنا
الجريمة المنظمة التي تتسع وتطور وتتمدد بين أبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني – 48- والتي وصل عدد قتلاها وضحاياها أكثر من107 مواطنين حتى بداية تموز ،والتي هي كذلك اخذة في التمدد والتوسع في الضفة الغربية ومدينة القدس ، وهي ليست نتاج ظاهرة داخلية، متجذرة بين أبناء شعبنا في الداخل – 48 – ولا ابناء شعبنا الفلسطيني بشكل عام،بل هي نتاج لسياسة ممنهجة تمارس من قبل دولة الكيان لتحطيم وتفكيك البنى المجتمعية والوطنية لشعبنا الفلسطيني، هذا الشعب الذي فشلت دولة الكيان في تطويعه وتركيعه وتذويبه ودمجه في مجتمع دولة الكيان،و”نسف” وتدمير خصائص وجوده القومي والثقافي ،حيث نجح في بلورة نفسه في أقلية قومية لها خصائصها القومية والثقافية والتعليمية،وانخرط في النضال ضد دولة الكيان،ليحافظ على وجوده كشعب له حقوق قومية وطنية.
رغم قيام دولة الكيان في سن و:دسترة” و”قوننة” و”شرعنة”،قوانين عنصرية،مهمتها منع الذات الفلسطينية من التطور،والحفاظ على تماسكها كشعب موحد،وليس كتجمعات سكانية،كما اراد لها الكيان،مسلم،مسيحي،درزي،شركسي وبدوي …الخ،وهويات مصطنعة أرامية وغيرها،لكن هذا الشعب لم يندثر أو “يتبخر” ولن يتخلى عن حقوقه الوطنية والسياسية.
الكيان نظر لوجود شعبنا في الداخل الفلسطيني – 48- كقنبلة ديمغرافية وغدة سرطانية يجب العمل على اجتثاثها بالطرق الشرعية وغير الشرعية،فهي النقيض لنقاء وبقاء دولته اليهودية..ولذلك سعى من خلال السيطرة على الأرض وتهويدها.. و”اسرلة” الوعي،وسياسات الدمج والتذويب والإحتواء والتفكيك الى تدمير أساس وركائز مجتمعنا الفلسطيني،ولكن عندما شعر هذا الكيان بأن كل سياساته واجراءاته وممارسته،لم تنجح في تحقيق هذا الحلم،وخاصة بعد هبة يوم الأرض الخالدة في 30 آذار /1976،والتي انتفضت فيها الجماهير العربية دفاعاً عن أرضها في الجليل،وأيضاً العمل على اسقاط مشروع “برافر” التهويدي للنقب،حزيران/ 2013 ،والمشاركة في هبة اكتوبر/2000 وكذلك هبة نيسان/2021،دفاعاً عن القدس والأقصى والشيخ جراح،ونجاحهم في تشكيل إطار قيادي لهم ” لجنة المتابعة العربية العليا”،تنخرط فيه معظم المكونات الحزبية والمجتمعية العربية،خلص الكيان الى نتيجة بأنه مخطط التخلص من عرب الداخل – 48 – وتفكيكهم مجتمعياً ووطنياً ،لا بد ان يكون عبر اختراق جدران ” تحصيناتهم المجتمعية والوطنية…
ومن المهم جداً ان نشير هنا الى ان دولة الكيان،عملت على تحويل الداخل الفلسطيني -48 – ،خاصة بعد توقيع اتفاقيات كارثة أوسلو ايلول/1993،ومن بعد تحرير الجنوب اللبناني آيار/2000 الى مكب نفايات،حيث عمدت الى نقل المتعاونين معها الى هناك،وهم الذين شكلوا العصب الرئيسي لجهاز الأمن الإسرائيلي “الشاباك” للقيام بالدور الرئيسي في تفكيك وتدمير البنى والهياكل المجتمعية والوطنية لشعبنا الفلسطيني،مقابل تأمين الحماية لهم،والتغاضي عن جرائمهم ومنع اعتقالهم ومحاكمتهم أو تقديم لوائح اتهام بحقهم.
هؤلاء وسعوا من دائرة نشاطهم الإجرامي والإبتزازي وفرض الخاوات والأتاوات ،وتوفر لهم المال والسلاح،فالنصف مليون قطعة سلاح الموجودة بين يدي المجتمع العربي،واضعافها من الذخيرة، الجزء الأكبر منها يتم الحصول عليه من قواعد جيش الكيان،وأصبح سوق المال لديهم يدار بعشرات المليارات،وسيطروا على مؤسسات تجارية واقتصادية وعقارية،وكذلك باتوا يسيطرون على تنفيذ المشاريع والعطاءات في القرى والبلدات الفلسطينية هناك،وحتى بعض العطاءات المرتبطة بأجهزة أمن دولة الكيان،وفي ظل اشتداد حالة الغليان بين جماهير شعبنا الفلسطيني ،والخوف ان تنفجر تلك الجماهير في وجه دولة الكيان،لتقاعسها وتواطؤها في تلك الجرائم والتستر على مرتكبيها،حيث من يطلقون النار على أفراد أو مؤسسات أو أملاك يهودية، تعمل شرطة الكيان واجهزتها الأمنية ليل نهار،وتجند كل طاقاتها وإمكانياتها لإلقاء القبض على من ينفذون تلك الأعمال،واذا كان 94% من مطلقي النيران الجنائية من المواطنين العرب لم يفتح ملفات جنائية سوى بحق 4% منهم،فهذا يعكس ويضع علامة استفهام كبيرة،على أن جهاز ” الشاباك” الإسرائيلي عندما طلب منه أن يشارك في محاربة الجريمة في الوسط العربي، قوله بان يوافق على ذلك مقابل عدم كشف طرقه ووسائله ومصدر معلوماته امام قضاء دولة الكيان،فهو يدرك بأن ذلك سيكشف عن تعاونه وإرتباطاته مع تلك العصابات الإجرامية.
في ظل اشتداد موجة الغليان والغضب والإحتجاجات الشعبية في الوسط العربي،ضد تلك الجرائم وضد دولة الكيان،التي تتهمها جماهير شعبنا بأنها توفر لهم السلاح،حيث لم يتم جمع سوى 19 قطعة سلاح من اصل نصف مليون قطعة سلاح بين أيديهم.
في ظل هذا الحرج ،نقل جزء من تلك العصابات الإجرامية،مركز عملها الى الدول التي طبعت دولة الكيان علاقاتها معها،الإمارات العربية والبحرين وتركيا ،وأصبحت تشرف وتدير عملها الإجرامي وانشطتها من هناك.
إن كافة الحلول التي اقترحتها دولة الكيان لحل تلك المشكلة،ليست ذات جدوى،سواء اشراك “الشاباك” في التحقيقات بالنسبة للجريمة المنظمة والقضاء على منظومتها،او زيادة عدد مراكز الشرطة في القرى والبلدات العربية،او عطاء بن غفير صلاحيات طوارىء بتنفيذ عمليات اعتقال اداري بحق المتورطين في الجريمة وانشاء ما يعرف بالحرس القومي او تشكيل لجنة لمكافحة الجريمة برئاسة رئيس الوزراء ،فهناك سياسة ممنهجة هدفها الوصول بالمجتمع العربي الى جعل الشباب والطبقة الوسطى تفكر بالهجرة والمغادرة تحت ضغط الجريمة،او أن تلجأ لدولة الكيان لحمايتها والإنخراط في مشاريعها ومخططاتها.والحرس القومي وغيره،لم يتم انشاؤه لمكافحة الجريمة،بل من أجل محاربة التوجهات الوطنية والقومية عند شعبنا في الداخل -48 – ودرء مخاطر مشاركته في انتفاضة او حرب قادمة،وكذلك نحن ندرك بأن الجريمة المنظمة التي تمارس بحق شعبنا هناك ،يجري العمل على تصديرها الى الضفة الغربية والقدس،حيث باتت تنتشر عصابات ومافيات ويتم اغراق الضفة والقدس بالمخدرات وتسعير الخلافات العشائرية والقبلية،وتوفير السلاح المشبوه ،وهذا يستدعي من القوى والفصائل والمنظمة والسلطة اعلان حالة النفير العام، لأن الجريمة المنظمة يجب اعتبارها أمن قومي،وهي تعادل الجرائم التي يرتكبها قطعان المستوطنين بحق شعبنا في قرى وبلدات الضفة الغربية والقدس .
ولذلك حرب المستوطنين على شعبنا في الضفة الغربية والقدس وتشكيل ما يعرف بعصابات الحرس الوطني ،والجريمة المنظمة في الداخل الفلسطيني -48- ،هدفها واحد طرد وتهجير واقتلاع شعبنا والسيطرة على أرضه .