تاريخ ومزارات

الصور النسائية في عهد محمد على.. قصة «عيوشة» أول موديل تصوير في مصر

أميرة جادو

عندما وصلت الآلة الداجيرية مصر في أواخر عام 1839م، حرص محمد علي باشا على تعلم كافة مبادئ التصوير بها؛ حتى يتمكن من تصوير حريمه بنفسه دون أن يراهم أحد أو يطلع عليهم هذا كان معتقده وقتها، حيث رفض تمامًا تصوير النساء علنًا بهذه الآلة، إلا أنّ الرسام والأثري الفرنسي، چوزيف فيلبيرت چيرولت، كان له رأي آخر.

أثناء زيارته لمصر في عام 1842م، قرر الرسام الفرنسي تصوير أول سيدة مصرية بالحجاب تارة وبدون الحجاب تارةً أخرى؛ ليضرب بذلك قرار محمد علي بعرض الحائط ولم يبالي به، فتطل علينا هذه السيدة بأكثر من صورة (حوالي 5 صور) بأوضاع عدة؛ لتكون بذلك أول امرأة يتم تصويرها في مصر بين عامي 1842، 1843م، والغريب في الأمر أنه وعلى رُغم تأكيد مصادر عدة أنها قد صورت في خمس صور إلا أنّ ما وصلنا منهم صورتين فقط، لكنهما كانتا كافيتين لنعرف بهما أول بورتريه شخصي يتم تصويره في مصر بل وفي أفريقيا والشرق الأوسط.

عيوشة أول موديل تصوير في عهد محمد على

كانت أول موديل تصوير هي “عيوشة”، المرأة التي وافقت على تصويرها – في منزلها؛ لأنه في ذلك الوقت لم تكن هناك استوديوهات للتصوير – على يد الرسام الفرنسي، وبتقنية تصوير بمقاييس هذا الوقت تكاد تكون مذهلة؛ على اعتبار أنّ الآلة الداجيرية كانت في مراحلها الأولى من التصوير الفوتوغرافي، ولم يدخل عليها الكثير من التحسين.

ظهرت “عيوشة” وهي مستلقية على أريكة، ترتدي سروالاً فضفاضًا مخططًا، وأنبوب الشيشة على شفتيها، إنها مستمتعة، واثقة، مرتاحة في شقتها بالقاهرة، من إيماءتها ونظرتها، يظهر التعبير خالدًا، وكأنها صورت بالأمس.

التصوير بالطريقة الداجيرية

وفي عام 1842م قبل ظهور تقنية التصوير الفوتوغرافي، ظهرت الطريقة الداجيرية، ويتكون النمط الداجيري من ورقة من النحاس المطلي بالفضة، والتي كانت حساسة للضوء، مما يجعل الصورة الكامنة مرئية عند المعالجة بأبخرة الزئبق، مقارنة بالصورة التي تم تطويرها كتقنية بعد فترة وجيزة جدًا، كان النمط الداجيري بدائيًا: كانت اللوحة حساسة للغاية، وكان لابد من معالجة المواد الكيميائية السامة، ويمكن بسهولة تدمير سطح الورقة، وكان وقت التعرض طويلًا لهذه المواد إلى حد ما.

لكن لم يهتم “چيرولت” بالتقاط صور الاستوديو فقط، بل كان نمطه الداجيري الثوريًا، وكأنه شخصًا صادف آيفون في الثمانينيات – من حيث التطور – ففي منتصف القرن السادس عشر، حاول الفنانون والفنيون عبثًا إيجاد طريقة لالتقاط الصورة بشكلٍ ذكي، وبعدها سوف يستغرق العلم ما يقرب من 300 عام ليكشف عن سره – طريقة لالتقاط ما نراه وإعادة إنتاجه بشكل مثالي.

وبالإضافة إلى صور “عيوشة”، كان “چيرولت” متيمًا بالعمارة الإسلامية في القاهرة على عكس سابقيه ومن أتوا بعده الذين كان همهم الأول والأخير، الآثار الموجودة في صعيد مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى