كان لها مكانة مرموقة.. أسرار مهنة مبيض النحاس في المجتمع المصري قديماً
أسماء صبحي
تعددت أشكال الأواني النحاسية على اختلاف أنواعها، فمنها ما كان يستخدم في طهي الطعام، ومنها ما كان مخصصا لغسيل الملابس. ومنها ما كان يستخدم في غسيل الأيدي، وتقاس مدى ثراء الأسرة أو فقرها بعدد أواني النحاس التي يمتلكونها. والتي كانت جزء لا غنى عنه في كل بيت المصري وخاصة في جهاز العروسة.
وحين يتقدم شاب للزواج بفتاة فالاتفاق على “النحاس” كان يرتبط بالكلام عن الذهب. فكما يسأل عن جرامات الذهب التي سيقدمها لعروسه، تتم مفاوضته أيضا على كم قنطارا من النحاس يمكنه أن يشتريها للشوار. ليتمكن أهل العروسين من التباهي بالذهب والنحاس معا أمام المجتمع بأوانى الطهو، والإبريق، والصواني، و”طشوت الغسيل”، وغير ذلك من الآنيات النحاسية. وكانت الأسر إذا مرت بضائقة مادية باعت نحاسها، لتفك زنقتها.
مهنة مبيض النحاس
وتقول أميمة حسين، أن مهنة مبيض النحاس كانت من المهن المزدهرة على مدى سنوات طويلة، ولها مكانة كبيرة في المجتمع. وكانت تدرّ ربحاً كبيراً على من يعمل بها، فقد كان له يوم محدد يمر فيه على الحي أو القرية ويتجمع الأهالي محضرين معهم أوانيهم النحاسية لتبيضها.
وأضافت حسين، أن عملية التبييض تمر بمرحلتين، وهما:
تحضير الوعاء للتبييض
حيث يبدأ بإزالة القصدير القديم الذي يشكل عازلاً للوعاء، ثم يضعه على النار لتسخينه. ثم يضيف إليه مادة النشادر التي تساعد في التنظيف، ومادة الأسيد التي تعرف بـ “ماء التوتيا” (حامض الهيدروكلوريك)، فيبدأ القصدير العتيق بالذوبان.
ثم يضع الرماد الأحمر الناتج عن تصنيع الطوب الأحمر وماء النار. ويضع طبقة كبيرة من الخيش ويقوم بالوقوف داخلها، ويدعكه بقدميه بحركة دائرية منتظمة إلى أن يلمع النحاس.
تسخين الوعاء
يعاد تسخين الوعاء مجدداً على النار، ومتى بلغت حرارته مستوى معيناً. يمرر عليه قضيب القصدير الذي يذوب تحت تأثير الحرارة، فتغطى طبقة القصدير الوعاء من الخارج والداخل .
يقوم بعد ذلك بغسل الأواني جيداً وتسليمها لأصحابها جميلة وبرّاقة، ويقوم الأهالي بإعطائه ما يجودون به عليه من خيرات البيت. لكن مع مرور الزمن توارت هذه المهنة، وبدأت تنتشر الأواني المصنّعة من الألومنيوم والاستيل وغيرها من الخامات الأخرى.