سيرة القديس..“تاوضروس الشطبي” كنيسة شاهدة على حضارة 4 آلاف سنة
تقع كنيسة الأمير تاضروس الشطبي، وسط الحواري والأزقة الضيقة، إذ يلفت انتباهك مبنى قديم مرتفع باللون المائي وسط المنازل القديمة المشيدة بالطوب اللبني، أعلاه قبة صغيرة تحمل صليب وأسفلها حوائط مزخرفة بالصلبان المنقوشة باللون الذهبي، ويطلق عليه أيضا “ثيودور” في المصادر اليونانية والقبطية.
وذكر كتاب “أسيوط المدينة الحارسة”، الصادر عن المتحف البريطاني في باب سير أسطورية أنه بحسب أفراد المجتمع القبطي في شطب، فإن بلدتهم يوما ما كانت تزخر بالكنائس، إلا أن مركز العبادة المسيحي اليوم هو كنيسة الأمير ناضروس الشطبي، ووفقا لرواية أهالي البلدة فإن يوحنا والد تاضروس كان رجلا من شطب وتم تجنيده في جيش الإمبراطور الروماني نوريانوس 283 – 284م، وحارب في معركته مع الساسانيين قرب ما يعرف الآن بالمدائن في العراق.
حكاية شطب
وباعتباره سليل عائلة من النبلاء فى شطب، تزوج يوحنا بابنة أحد جنرالات نوريانوس، وقد ود يوحنا لويرب ابنهما تاضروس كمسيحي لكن زوجته التي كانت تعتنق العقيدة الزرادشتية رفضت بل وأصرت علي أن يبدل يوحنا دينه، وبدلا عن ذلك تركها يوحنا مخلفا وراءه ابنه الصغير وعاد إلي شطب.
وعقب انتهاء حكم نوريانوس، وتولى الإمبراطور ديوكلتيانوس العرش، انضم لجيشه تاضروس وترقى في المناصب ورغبةً في أن يراه أباه، استأذن تاضروس وسافر إلى مصر حيث استقبله أمير أنطاكية “تركيا”، وعند بلوغه شطب ابتهج تاضروس حين وجد أباه، لكن صحبتهما لم تدم طويلا إذ وافت المنية يوحنا بعد أيام قليلة من لم الشمل، وخلد أهالي شطب ذكرى زيارة تاضروس بنصب عامود قرب النيل حفرت عليه شهادات الثناء.
وعاد تاضروس إلى جيش ديوكلتيانوس، وعين حاكما على إقليم شرقى، وفى وقت ما اعتنق ديانة أبيه وتذهب الأسطورة إلى أن تاضروس قد أنقذ أطفال أرملة من الموت قبل أن يفتك بهم ثعبان أو تِنّين، وبالتالى فقد ظهر في اللوحات مثل مار جرجس على صهوة جواد وهو يصرع الوحش القاتل، وبالرغم من خدماته التى شهدت بالولاء للإمبراطور، فإن ديوكلتيانوس المعروف أيضا بـ”دقلديانوس” الذى كان يخشى من سطوع نجم الدين المسيحى قام بتعذيبه وقتله لرفضه أن يصبأ عن دينه وللحفاظ على رغبته فى أن يُدفن إلى جوار أبيه، فقد أعيد جثمان تاضروس إلى شطب حيث تحمل اسمه الآن كنيسة البلدة.
الأمير تاضروس
وفي المصادر المسيحية اليونانية يتماهى تاضروس مع “ثيودور ستراتيلاتس” الجنرال الذي ولد مسيحيا في الشرق ربما سوريا، وتم تجنيده في الجيش وقبض عليه بسبب عقيدته في أماصيا شمال تركيا قرب البحر الأسود، حيث كان موقع لوائه في الجيش وتم تأجيل قضيته، ولكنه حين أطلق سراحه، أضرم النيران فى معبد وثنى فألقى عليه القبض مجددا، وقد زارت الملائكة ثيودور، حسب الرواية، فى محبسه لتشد من عضده، لكنه كان قد استشهد حرقا حتى الموت فيما لم يزل جنديا شابا.
وتحكى نسخة أخرى من قصة ثيودور ستراتيلاتس أن أباه “يونان” كان مسيحيا من شطب تم تجنيده فى الجيش الرومانى وإرساله إلى أنطاكية حيث تزوج من ابنة أحد النبلاء، وقد رفض يونان اعتناق دين زوجته، وبعد ولادة ابنهما طردته زوجته لكنه سار على نهج أبيه، فأصبح ثيودور مسيحيا وجنديا كذلك.
وفى رحلته إلى مصر لزيارة أبيه، توقف ثيودور عند بلدة يوكايتا “تركيا” حيث عبد الناس تنينا أو ثعبانا وقدموا له طفلا كقربان في كل عام، واستشاط ثيودور غضبا من تلك البربرية فقتل التنين “الأفعى” وقد التم شمله بأبيه في شطب، وأعاده ثيودور معه إلى أنطاكية، حيث قدر لهما أن يعيشا معا هانئين حتى أصدر ديوكلتيانوس مرسوما يُجَرّم المسيحية، وقد أبلغ كهنة يوكايتا الوثنيون عن ثيودور فتم اعتقاله وحرقه حتى الموت.
الكنيسة من الخارج
وفي نسخة ثالثة من سيرة القديس تُماهي بين تاضروس المشرقي أي المولود في سوريا وتاضروس الجنرال الذى تتوافق قصته وقصة تاضروس الشطبى، مع بعض الإضافات في هذه النسخة، اصطحب ثيودور كل الجنود الذين كانوا تحت إمرته إلى نهر حيث تم تعميدهم كمسيحيين، وبسبب تلك الفِعْلة الصابئة، تم نفيه ثم استشهاده فيما بعد.
وقد سُردت قصة ثيودور بلغات عدة، بما فيها اليونانية واللاتيني وفي كنيسة الأمير الشهيد تاضروس الشطبي بقرية شطب ولم تزال ذكراه محفوظة ولم يتم تكريمه كمثال علي الشجاعة وثبات اليقين.