هنا مقام «سيدي الطنطاوي».. قصة العالم الأزهري الذي علم الروس العربية وصنعوا له ضريحًا
أميرة جادو
يقع ضريح الشيخ الجليل محمد عياد الطنطاوي، في موسكو، وتحديدًا في ضاحية فولكوفو بالقرب من سانت بطرسبرج بروسيا، حيث تعتبره روسيا من الآثار التاريخية والثقافية بالبلاد.
من هو الشيخ محمد عياد الطنطاوي؟
بحسب ما ذكره الدكتور محمد فتحي عبد العال في كتابه” تاريخ حائر بين بان وآن.. تاريخ لم يرو وسير لم تدون”، كانت البداية في مصر لشيخ نابه تلقى تعليمه بالأزهر الشريف على يد ثلاثة من العلماء المتنورين ممن تولوا مشيخة الأزهر بعد ذلك هم: الشيخ حسن العطار، والشيخ محمد بن أحمد البيجوري، والشيخ برهان الدين إبراهيم السقا، لكن اهتمامه بعلوم اللغة وآدابها جعله منبوذًا متهما بإتباع البدع، وبلغت كراهية خصومه له حد تمني موته أثناء إصابته بالطاعون، وهو بين الحياة والموت.
محنة تحولت بين يوم وليلة إلي انطلاقه نحو العالمية
وكما يقولون “رب ضارة نافعة” فاللغة التي كانت سببًا في محنته تحولت بين يوم وليلة إلي مناط سعده ومكمن قوته وانطلاقه نحو العالمية، حيث بدأ اهتمام المستشرقين بمصر يتزايد في عهد محمد علي باشا وتشجيعه لهم فكانت الحاجة متزايدة لمن يعلمهم العربية وهنا انطلقت مواهب الشيخ عياد.
هو رسول العلم في روسيا، تتلمذ على يده العديد من مستشرقين الروسيين من بينهم (موخين وفرين) اللذان رشحا الشيخ للقنصل الروسي العام في الإسكندرية ليسافر لروسيا للتدريس هناك.
وهنا يستأذن الشيخ عياد “عزيز مصر وممدنها، وحامي ذمارها ومؤمنها ” محمد علي باشا الكبير، والذي لم يمانع، بل وشجعه على تعلم اللغة الروسية وإتقانها، وهنا يظهر سعة فكر محمد علي في بناء قاعدة لقوة مصر الناعمة، وفي مقدمتها المد الثقافي وبناء جسور من الحوار مع الغرب.
والجدير بالذكر، نجح الشيخ عياد في مهمته بين التدريس في كلية اللغات الشرقية بسانت بطرس بورج وبين كونه مستشارًا في الدولة الروسية، ونال احترام واستحسان الروس وتكريمهم أيضا، حيث قلده القيصر وسام ستانيسلان، ووسام القديسة حنة وخاتماً مرصعاً بالألماس الغالي، وتوفي الشيخ في 29 أكتوبر 1861م.