حوارات و تقارير

حكاية أنبياء تزوجوا نساء صعيديات.. منهن من جعلت المصريين “أخوال العرب”

أميرة جادو 

سجلت المرأة الصعيدية أسمها في السلاسل الزمنية التي تمتد عبر التاريخ، وأحداثها ترسخت في ذاكرة العالم، كأضواء تضيء سماء التاريخ. اسمها يبدو كوردة محفوظة في سجلات السماء، إنها مصر الأنبياء، التي كانت موطنًا لنبي الله موسى وأخيه هارون. هنا حماه الله المسيح وأمه في مكانٍ آمن، وكذلك كانت مهدًا للعرب، ومقصدًا للرسول الأخير. وفي هذه الأرض، اعتنقت زوجة تغرت بها وأسلمت تحت قيادة نبي عظيم. أنت الآن في مصر الأنبياء.

سواء في مصر العليا في العصور القديمة أو الصعيد والوجه القبلي في العصور الحديثة، تتوجه هذه الأرض بشرف خاص ممنحة لها من السماء. فقد اختارت خريطة الأنبياء المقدسة أن تمر على ضفاف النيل، واختارت ثلاث نساء من الصعيد ليكنَّ أمهات لأبناء الأنبياء. أم العرب “هاجر” هي أولهن، ومن مصر جاءت مريم القبطية التي جعلت الأقباط أخوة للمسلمين، وبينهما زوجة “زليخة” التي لها قصة خاصة جاءتها وحيًا من السماء. لذا أنت الآن في مصر الأنبياء.

رحلة النبي إبراهيم وزوجته المصرية الصعيدية” هاجر” 

بدأت في فلسطين، حيث ولد ابنهما إسماعيل بعد انتظار طويل وقد تقدم في العمر. ثم جاء أمر الله لإبراهيم بأن يرحل هاجر وابنها إلى مكان بعيد. فأطاع نبي الله أمر ربه وجهز رحلتهم مع جميع أمتعتهم وأدواتهم. وأثناء سيرهم في الطريق، بدت عيون هاجر وكأنها تسأل إبراهيم عن الهدف. وعلى الرغم من أنه لم يعبِّر بالكلمات، إلا أن قلبه نبض بالشكوك. فالسكوت كان أفضل حلاً لتجنب الأخطاء. وكانت آخر كلماتها له هي سؤال بسيط “ألله أمرك بهذا؟” فأجابها بإيماءة برأسه “نعم”. وتركها وهي تتردد، ولكن صوتها لا يزال يرن في ذهنه “إذن لن يضيعنا”. وتوجه إبراهيم دون أن ينظر إلىوراءهم، وترك هاجر وإسماعيل في صحراء قاحلة ووحيدين.

بدأت رحلة هاجر وإسماعيل في البحث عن مأوى وماء في هذه الصحراء القاحلة. ومع مرور الوقت، انفدت مخزوناتهم من الماء، وأصبحوا يعانون من العطش الشديد. كانت هاجر تراقب ابنها وهو يبكي ويتألم من العطش، وقلبها ينزف لمشاهدة معاناته. ففي لحظة من اليأس والضعف، تركت إسماعيل وذهبت للبحث عن ماء ومساعدة.

وبينما كانت هاجر تجري بين التلال، سمعت صوتًا يناديها من بعيد. كان صوت صيحة الطير، ولكنها عرفت أنها ليست صيحة طائر عادي. فعادت هاجر إلى إسماعيل، وفي ذلك الحين، ظهرت ينابيع ماء تنبعث من تحت أقدام إسماعيل. كانت هذه هبة من الله، وكلما شربت هاجر أو إسماعيل من تلك الينابيع، زادت الأملاح المقدسة في الأرض. وهكذا تحولت تلك الصحراء القاحلة إلى مكان مقدس، وأسست هاجر وإسماعيل مستوطنة جديدة تدعى مكة.

زليخا.. زواج بعد مكر

ومن النساء التي ذكرت أسمائهم في القرآن زليخا أو راعيل، فقد اختلف المؤرخين والآثاريين في تحديد أصلها من المحافظات، مثل الأقصر وإدفو والجيزة والفيوم تشتهر زليخا بسبب القصة المذكورة في القرآن الكريم، حيث ترتبط قصتها بنبي الله يوسف عليه السلام.

بدأت حكاية “زليخا” بالغدر والحسد، ولكنها تتحول إلى نعمة لبلاد مصر وتنقذهم من المجاعة التي كادت تصيبهم. تتضمن القصة تفاصيل وسردًا لقصة حب بين زليخا ويوسف عليه السلام، التي بدأت بتحريض زوجة عزيز مصر على يوسف.

كان إخوة يوسف يعانون من الحسد والغيرة، وتسبب الحقد في تدهور العلاقة بينهم حتى اتفقوا على التخلص منه بطريقة قاسية عن طريق إلقائه في بئر. بدأت القصة عندما كان يوسف صغيرًا وعثر عليه بعض التجار الذين أخذوه وباعوه لعزيز مصر، الذي سمح لزوجته بتبنيه عسى أن يكون لهما ولدًا بعدما تألما بسبب العقم. عندما نشأ الولد، تغيرت مسار القصة، فكان جماله جذابًا للناظرين، وأحبته زليخا وحاولت إغوائه، لكنه رفض.

أصبح السجن بيتًا ليوسف بعدما كان يعيش في قصر عزيز. ومع ذلك، صبر وتحمل الأمر، حتى جاءت رؤية ترقى إلى العرش للملك المصري الريان بن الوليد، وأصابته بالقلق من أن تكون تلك الرؤية علامة على نهاية حكمه. قرر استشارة كهنة المعابد في أمل أن يجد تفسيرًا يساعده على تجاوز المشكلة المستقبلية. توصلوا إلى أن يوسف، الذي كان سجينًا ويعرف تفسير أحلام الناس، قد يكون قادرًا على تفسير الرؤية. بعد أن أبلغ الملك يوسف برؤياه، طمأنه التفسير وفسر الرموز التي أنقذت مصر من المجاعة وسمحت لهم بتخزين الحبوب خلال فترة الوفرة للمستقبل الصعب. بعد ذلك، تمت ترقية يوسف من سجين لكي يكون الوزيوسف ملكًا، وتزوج من امرأة تمنته زليخا بعد وفاة عزيز مصر، وقام بإدارة خزائن مصر.

مارية القبطية.. هدية مصرية

تم تقديم هدية من أسقف الإسكندرية إلى رسول الإسلام، وكانت هذه الهدية تعكس مكانة الأقباط في مصر في الدين الإسلامي. عندما وصل النبي محمد إلى مكة المكرمة، كانت “مارية القبطية” ، وهي امرأة من مصر، على وشك الوصول إلى جزيرة العرب لمقابلته. تقترب الأمور أكثر عندما يصل إحدى رسائل النبوة إلى ملوك الأرض ويتم تقديم الإسلام لهم. واحدة من هذه الرسائل وصلت إلى الكنيسة المرقسية في مصر، حيث كان “المقوقس”، القبط العظيم، على رأس أكبر كنائس الإسكندرية في ذلك الوقت.

عندما رأى المقوقس، وسط الكهنة والقساوسة والرهبان، الرسالة، أبدى رضاه وأمر بتجهيز الهدايا. قامت مارية وشقيقتها سرين بالتحضير للرحلة، لكنهما لم يعرفا وجهة السفر بالضبط. والدهما القادم من “أنصنتا” أو “ملوي” في الصعيد المصري إلى الإسكندرية، عندها بدا أن لديهم وجهة أخرى.

كانت لديها العديد من الأسئلة التي لم تجد إجابة لها حتى غادرت الصحراء. قادهم “حاطب بن بلتعة”، رسول النبي محمد، إلى مصر. شعر بخوفها وظنونها، فشرح لها بلطف عن الدين الجديد، مما جعلها تتردد وتهتز. توقفت خوفها من المجهول بفضل نسمات الهواء.

حدث حوار طويل في الصحراء، وانتهى بإعلان مارية الدخول للإسلام قبل وصولها إلى المدينة. جاءت معها شقيقتها سرين وأحضروا معهم العديد من الهدايا، بما في ذلك الذهب والثياب الناعمة والحيوانات مثل البغلة والحمار. سلم “بن بلتعة” هدايا المقوقس إلى رسول الله، وأخذ النبي “مارية” كزوجة له، وأنجبت له ابن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى